الثلاثاء، 28 يوليو 2020

جرح اللّسان كجرح اليد


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
جرح اللّسان كجرح اليد
وفي المعرة عندما يقولون : ما بفوت لسانو لحلقو . ويقولون : لأمثال هؤلاء : سكوت بقى وحاج تنبلق . وهذا لمن يكثر الكلام فتكثر أخطاؤه ليعظم أثرها على السامع دون وجه حق . فتتسبب بجراحات قد يدملها الزمن ولتكون أقصى من جراحات الجسد والتي تتعافى مع مرور الوقت . فجراحات اللسان قد لا تندمل وربما . فقد نصفح عن أذى جسمي سببه البعض لنا إلا أننا نستبقي أثر الكلمة حتى يوم البعث لنقتص هناك من صحابها . وربما ليقتص منا حصائل ألسنتنا
قال امرؤ القيس من المتقارب
تَطاوَلَ لَيلُكَ بِالأَثمَدِ  .. وَنامَ الخَلِيُّ وَلَم تَرقُدِ
وَباتَ وَباتَت لَهُ لَيلَةٌ .. كَلَيلَةِ ذي العائِرِ الأَرمَدِ
وَذَلِكَ مِن نَبَإٍ جاءَني ..  وَخُبِّرتُهُ عَن أَبي الأَسوَدِ
وَلَو عَن نَثاً غَيرِهِ جاءَني .. وَجُرحُ اللِسانِ كَجُرحِ اليَدِ
لَقُلتُ مِنَ القَولِ ما لا يَزا .. لُ يُؤثِرُ عَنّي يَدَ المُسنِدِ
وقال آخر :
وجرح السيف تدمله فيبرا ... ويبقى الدهر ما جرح اللسان
وليس من حميد الخلق أن نترك اللسان لينطق على هواه فكثرة الكلام سبب لكثرة الخطأ . وفي الأثر الذي رواه الماوردي عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أَنَّ أَعْرَابِيًّا تَكَلَّمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَطَوَّلَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَمْ دُونَ لِسَانِك مِنْ حِجَابٍ؟ قَالَ: شَفَتَايَ وَأَسْنَانِي. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَكْرَهُ الِانْبِعَاقَ فِي الْكَلَامِ» . فَنَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَ امْرِئٍ أَوْجَزَ فِي كَلَامِهِ، فَاقْتَصَرَ عَلَى حَاجَتِهِ.
وقال المهلب لبنيه: «اتقوا زلة اللسان فإني وجدت الرجل تعثر قدمه فيقوم من عثرته، ويزل لسانه فيكون فيه هلاكه»
لعمرك ما شيء علمت مكانه ... أحق بسجن من لسان مذلل
على فيك مما ليس يعنيك قوله ... بقفل شديد حيث ما كنت فاقفل
قيل: وكلم رجل سقراط  عند قتله بكلام أطاله، فقال: «أنساني أول كلامك طول عهده، وفارق آخره فهمي لتفاوته»
وقد يرجى لجرح السيف برء ... ولا برء لما جرح اللسان
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «الِانْبِعَاقُ فِي الْكَلَامِ مِنْ شَقَائِقِ الشَّيْطَانِ» ونحن نشتم دون حساب . لا ونظن أننا مأجورون على السب والشتم . ونفتي لأنفسنا بأن من نسبه لا حرج فيه . وكأن السباب أضحى شكل من الدعاء لرفع البلاء
يا رب فرج عنا . يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــــ
البيان والتبيين - الجاحظ(1/ 151) المحاسن والأضداد - الجاحظ(ص: 41) أدب الدنيا والدين - الماوردي(ص: 277)
الأمثال للهاشمي (1/ 114) التشبيهات لابن أبي عون (ص: 59) العقد الفريد (2/ 280) الأدب لابن أبي شيبة (ص: 160)
النَّثا : مَا أَخبرت به عَن الرجل من صَالح فِعْله أَو سُوء فِعله.
الإثْمِدُ: حَجَرُ يُكْتَحَلُ به. يجلو البصر
عائِرٌ : وهو من الرَّمَدِ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق