الثلاثاء، 28 يوليو 2020

الكتب بساتين العلماء وقيل : «ذهبت المكارم إلا من الكتب»

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الكتب بساتين العلماء

وقيل : «ذهبت المكارم إلا من الكتب»

ونحن أصبحت مكتبتنا لسانها الهاتف وعدد نسخها ،ما هو محفوظ عند google حتى أن الكثيرين لم يكلف نفسه عناء البحث عن أصلها وكلمه جوجل google هي كلمة googol وهو مصطلح رياضي يعني 1 متبوعًا بمائة صفر 0 نسب ابتكاره لعالم الرياضيات ميلتون سيروت.

لا تمييز بين حق وباطل ولا مصدر ولا سند حتى أفقد الحال لذة النظر إلى الكتاب وأضحى شراء الكتاب شيء من التبزير ووضع المال في غير موضعه . وقد قالوا : والكتاب قد يفضل صاحبه، ويتقدّم مؤلّفه، ويرجّح قلمه على لسانه بأمور: أنّ الكتاب يقرأ بكلّ مكان، ويظهر ما فيه على كلّ لسان، ويوجد مع كلّ زمان، على تفاوت ما بين الأعصار ، وتباعد ما بين الأمصار، فقد يذهب الحكيم وتبقى كتبه، ويذهب العقل ويبقى أثره. قال أبو عبيدة وحدّثني صديق لي قال: قرأت على شيخ شاميّ كتابا فيه من مآثر غطفان فقال: «ذهبت المكارم إلّا من الكتب» كان الحسن اللؤلؤي يقول: غبرت أربعين عاما ما قلت ولا بتّ ولا اتكأت إلّا والكتاب موضوع على صدري. وقال ابن الجهم: إذا غشيني النعاس في غير وقت نوم- وبئس الشيء النوم الفاضل عن الحاجة- قال: فإذا اعتراني ذلك تناولت كتابا من كتب الحكم، فأجد اهتزازي للفوائد، والأريحيّة التي تعتريني عند الظفر ببعض الحاجة، والذي يغشى قلبي من سرور الاستبانة وعزّ التبيين أشدّ إيقاظا من نهيق الحمير وصوت الهدم. وقال ابن الجهم: إذا استحسنت الكتاب واستجدته، ورجوت منه الفائدة ورأيت ذلك فيه- فلو تراني وأنا ساعة بعد ساعة أنظر كم بقي . وقالوا: من ورّثته كتابا، وأودعته علما، فقد ورثته ما يغل ولا يستغلّ، وقد ورثته الضيعة التي لا تحتاج إلى إثارة، ولا إلى سقي .

والعجيب أن تجد غير المسلمين  عبر التاريخ حريصون على وجود الكتب . قال إبراهيم بن السّنديّ مرة: وددت أنّ الزنادقة لم يكونوا حرصاء على المغالاة بالورق النقيّ الأبيض، وعلى تخيّر الحبر الأسود المشرق البرّاق، وعلى استجادة الخطّ والإرغاب ( أي الترغيب ) لمن يخطّ، فإنّي لم أر كورق كتبهم ورقا، ولا كالخطوط التي فيها خطّا. وإذا غرمت مالا عظيما- مع حبي للمال وبغض الغرم- كان سخاء النفس بالإنفاق على الكتب، دليلا على تعظيم العلم، وتعظيم العلم دليل على شرف النفس، وعلى السلامة من سكر الآفات. قلت لإبراهيم: إنّ إنفاق الزنادقة على تحصيل الكتب، كإنفاق النصارى على البيع، ولو كانت كتب الزنادقة حتى كتب حِكَمٍ  . ومن عرف تاريخ أمته وجد حرصا على وجود . الملك المؤيد (هزبر الدين داود) اشتغل بالعلم واعتنى بجمع الكتب. حتّى اشتملت خزائنه على مائة ألف مجلّد . وأصبحنا نأنف حتى من وجود الكتاب حتى أن حجم الكتاب أضحى عائقا يضيق به المكان ، ننقله من مكان إلى آخر بانتظار أن يقال لنا تخلصوا منه .

ورحم الله ابن يسير حيث قال :

إنّ الأوائل قد بانوا بعلمهم ... خلاف قولك قد بانوا وقد ذهبوا

ما مات منا امرؤ أبقى لنا أدبا ... نكون منه إذا ما مات نكتسب

ومن البلاء معادات الكتاب

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــــــ

المحاسن والأضداد (ص: 21)

الحيوان (1/ 40)

صبح الأعشى في صناعة الإنشاء (5/ 30)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق