الثلاثاء، 28 يوليو 2020

لَا يُفَضِّضُ اللَّهُ فَاكَ مقولة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنابغة الجعدي ومنها نتعلم


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
لَا يُفَضِّضُ اللَّهُ فَاكَ
مقولة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنابغة الجعدي ومنها نتعلم
نحن حين نتحدث إلى من نحب ، إلى الناس . إما أن نسمع أو أن يقال لنا : لَا يُفَضِّضُ اللَّهُ فَاكَ . لحسن حديثنا ، أو أن يتمنى السامعون أن نصمت ومن أبدى احتراما لنا قال : ليته سكت . وفي المعرة عندنا يقولون لأمثال هؤلاء : سكر باجوقك : أي أغلق فمك . وكم من الناس من رغبنا بسكوتهم ، فلقد انهكت أسماعنا من سفه ألفاظهم . والعجيب أنهم يهرفون من الألفاظ ما لا يدركون معناه ومنهم من ظن بأنه يتقرب إلى الله فيما يقول .
النابغة الجعدي قيل: قيس بْن عَبْد اللَّهِ، وقيل: عَبْد اللَّهِ بْن قيس، وقيل: غير ذلك . قيل لَهُ: النابغة، لأنه قَالَ الشعر فِي الجاهلية، ثُمَّ أقام مدة نحو ثلاثين سنة، لا يقول الشعر، ثُمَّ نبغ فِيهِ فقاله، فسمي النابغة، وطال عمره فِي الجاهلية والإسلام، وهو أسن من النابغة الذبياني، وَإِنما مات الذبياني قبله، وعَمَّر الجعدي بعده طويلا، وقيل: عاش مائة وثمانين سنة.
وَكَانَ في الجاهلية على دين إِبْرَاهِيم والحنيفية، يصوم ويستغفر، وله قصيدة أولها:
الحمد لله لا شريك لَهُ من لَمْ يقلها فنفسه ظلما
قال رضي الله عنه: أَنْشَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا عَنْ يَمِينِهِ:
وإنا لقوم ما تعود خيلنا ... إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى يحسب الجون أشقرا
وليس بمعروف لنا أن نردها ... صحاحا ولا مستنكر أن تعقرا
نُحَلِّي بِأَرْطَالِ اللُّجَيْنِ سُيُوفَنَا ... وَنَعْلُو بِهَا يَوْمَ الْهَيَاجِ السَّنَوُّرَا
بلغنا السماء مجدنا وثناءنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
قَالَ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَى أَيْنَ لَا أُمَّ لَكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: إِلَى الْجَنَّةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَجَلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ يَا أَبَا لَيْلَى» ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ:
وَلَا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا،
وَلَا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... حَلِيمٌ إِذَا مَا أَوْرَدَ الْأَمْرَ أَصْدَرَا
فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجَدْتَ لَا يُفَضِّضُ اللَّهُ فَاكَ» قَالَ: «فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، وَإِنَّ لِأَسْنَانَهِ أَشَرٌ كَأَنَّهُ الْبَرَدُ» وبقيت أسنان النابغة حتى مات كأنها البرد في فمه رضي الله عنه
وكم وكم نسمع ونقرأ لأناس ونتمنى أن صمتوا عما يقولون ، أو خرست أقلامهم وانتهى مدادها ليتوقفوا عن الكتابة
صكت أصواتهم مسمعنا وحجبنا أبصارنا عن قراءة ما كتبوا
نلجئ إلى الله قائلين فض الله أفواهكم وشك أقلامكم
كانوا سر البلاء وسببه
يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــ
فوائد تمام – أبو القاسم تمام البجلي(2/ 186)
إمتاع الأسماع - المقريزي(11/ 372)
معجم الصحابة لابن قانع (2/ 345)
تاريخ دمشق لابن عساكر (50/ 132)
أسد الغابة – ابن الأثير (5/ 276)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق