الثلاثاء، 28 يوليو 2020

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

من البلاء أن توقن بالحق وتنصر الباطل

ومن قصة يهود بني قريظة نتعلم

وفي المعرة عندنا يقولون : بدنا نعيش يومين نْضافْ وليوم الله بيفرجا الله . والقصد أن يعيش المرء ساعيا وراء ملذات الحياة ، لاهثا وراء شهوات النفس ، ويقولون أيضاً : لا تخلي ساعة بسط تفوتك ، بغض النظر عما هو حرام أو حلال .

وقد يكون طريق السعادة بالنسبة لهم ازاحة من وقف أمام رغباتهم بالقتل فيقتلون ومن ثم فالله غفور رحيم ! يسرقون يتحالفون مع الشيطان سرا أملا للوصول لما يسرهم . وهم مستيقنين من أنهم على باطل . ألا إنه العناد . في المدينة المنورة طائفتين من اليهود هما بنو النضير وبنو قريظة يعودان بالنسبة إلى سيدنا موسى وهارون عليهما السلام . ذهب حُيَيّ بنُ أخطب إلى كعب بن أسد القُرظي صاحب عقد بني قريظة وعهدهم، وقد كان وادع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قومه، فلما سَمِعَ كعبُ بحُيَيّ أغلق دونه الحصْنَ فأبى أن يفتح له، فناداه: يا كعب افتحْ لي. قَالَ: إنك امرؤ مشؤوم، وإني قد عاهدت محمدا فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلّا وفاء وصدقا. قال: ويحك افتح لي أكلمك. قَالَ: ما أنا بفاعل. قَالَ: والله إنْ أغلقت دوني إلّا عَنْ جُشَيْشَتك (طحينك)أن آكل معك منها. فأحْفَظَه ففتح له فقال: ويحك يا كعب، جئتك بعزّ الدّهر وببحر طام، جئتك بقريش عَلَى قادتها وسَادتها ، وبغطفان على قادتها وسادتها وقد عاهدوني وعاقدوني عَلَى أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدًا ومن معه. قَالَ له كعب: جئتني والله بذُلّ الدهر وبجهام قد هراق ماءه برعد وَبرْقٍ لَيْسَ فيه شيء، يا حُيَيّ فَدَعْنِي وما أنا عليه فإنّي لم أر من محمدٍ إلّا صدْقًا ووفاءً. فلم يزل حُيَيّ بكعب حتى سمح له بأنْ أعطاه عهدًا لئن رجعتْ قريش وغَطفان ولم يصيبوا محمدًا أنْ أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك. فنقض كعب عهده وبرئ ممّا كان بينه وبين النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحين حاصر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» بأمر جاءه من ربه فحاصر بني قريظة خمسة عشر يوما حتى نزلوا على حكمه . وحين أدرك كعب بن أسد سيد بني قريظة قال لهم : يا معشر يهود، قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإنّي عارضٌ عليكم خِلالًا ثلاثًا، فخُذُوا أيّها شئتم. قالوا: وما هي؟ قَالَ: نبايع هذا الرجل ونصدقه، فوالله لقد تبين لكم أنّه لَنَبِيّ مُرْسَل، وأنّه للَّذي تجدونه في كتابكم، فتأْمَنون عَلَى دمائكم وأموالكم. قالوا: لا نفارق حُكم التَّوراة أبدًا ولا نستبدل به غيره. قال: فإذ أبيتم عَلَى هذه. فهلُمَّ فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثُمَّ نخرج إلى محمد وأصحابه مُصْلِتين السُّيوف لم نترك وراءنا ثقلا، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نَسْلًا نخشى عليه، وإنْ نظهر فَلَعَمْري لَنَتّخِذَنَّ النّساء والأبناء. قالوا: نقتل هَؤُلاءِ المساكين، فما خير العيش بعدهم؟ قَالَ فإنْ أبيتم هذه فإنّ الليلة ليلة السبت وإنّه عسى أنْ يكون محمدٌ وأصحابه قد أمنوا فيها فانزلوا لعلَّنا نُصيب من محمد وأصحابه غرة. قالوا: نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا، إلّا مَن قد علِمْتَ فأصابه ما لم يخْفَ عليك من المَسْخ؟ قَالَ: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمُّهُ ليلةً واحدة من الدَّهر حازمًا.

قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه فِي بَنِي قُرَيْظَةَ:

لَقَدْ لَقِيَتْ قُرَيْظَةُ مَا سَآهَا ... وَحَلَّ بِحِصْنِهَا ذُلٌّ ذَلِيلُ

وَسَعْدٌ كَانَ أَنْذَرَهُمْ بِنُصْحٍ ... بِأَنَّ إلَهَكُمْ رَبٌّ جَلِيلُ

فَمَا بَرِحُوا بِنَقْضِ الْعَهْدِ حَتَّى ... فَلَاهُمْ فِي بِلَادِهُمُ الرَّسُولُ

أَحَاطَ بِحِصْنِهِمْ مِنَّا صُفُوفٌ ... لَهُ مِنْ حَرِّ وَقْعَتِهِمْ صَلِيلُ

اقرار بالحق وعناد بموافقة الباطل ، أدى لقتل من بلغ الحلم منهم وسبية ذرتهم . وهذا سبيل من كان قائده الشيطان . واليوم نراها من عرِف سبيل الخلاص من هذا البلاء إلا أنه مصر على إغلاق أبوابه بالعناد . لذة عجيبة أن يورد المرء وطنه وأهله في موارد التهلكة . لتحقيق نزوات شيطانية

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــــــــ

سيرة ابن هشام (2/ 271) الطبقات الكبرى ابن سعد (1/ 130) صحيح البخاري (2/ 15)تاريخ دمشق لابن عساكر (3/ 164) تاريخ الإسلام – الإمام الذهبي  (1/ 189)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق