الثلاثاء، 28 يوليو 2020

التمييز نعمة من نعمة الله ومن حسن صفات الخليفة المأمون نتعلم

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

التمييز نعمة من نعمة الله

ومن حسن صفات الخليفة المأمون نتعلم

في الدنيا يلاحظ العاقل امتزاج الخير بالشرّ، والضارّ بالنافع، والمكروه بالسارّ، وبين دنو المنزلة ورفعتها ، وكذلك بين الكثرة والقلّة. ومن نعم الله أنه لم يجعل في هذه الحياة الشرّ صرفا فلو كان كذلك لهلك الخلق، ولم يجعل الخير محضا فلو كان لسقطت دوافع الامتحان لنميز بين الخيّر والشرير .وبالتالي بطلت الأسباب الداعية للتفكير ، وحينها تفقد الحكمة معناها ومدلولها ، فلا تمييز بين ضار ونافع وتتوقف حينها أسباب التفاضل بين الخلق فلا فرق بين كريم وبخيل ، وتبطل معان يسعى الخلق إلى تحقيقها فلا فرحة بعد ظّفر ولا عزّ بعد تحقيق انتصار . وحينها تستوي الأمور ويبطل التمييز، فإذا لم يكن هناك تكليف فلا مثوبة حاصلة ولا عقاب واقع . وحينها تفقد الحياة معناها . التمييز يعطي للحياة معان تدب فيها الروح فسبحان من قسم الحياة بين لذة وألم وبين أنس ووحشة يمتاز بها الجليل من الناس عن الحقير والعدو عن الصديق والمؤذي عن المحسن فملكة التمييز نعمة من نعم الله جَلّ في علاه  

ومما يحكى أن هارون الرشيد رحمه الله يميل لولده المأمون لذكائه وحسن أدبه ، أكثر من أخيه الأمين، وكانت أم الأمين زبيدة تغار من ذلك، وتعاتب الرشيد على ميله إلى ولد الجارية فقال لها على طريق الاعتذار، سأبين لك فضلهما، أو قال: فضله على أخيه، فاستدعى بالأمين وكانت عنده مساويك (جمع مسواك ) فقال له: ما هذه يا محمد. فقال: مساويك، فقال: اذهب، ثم استدعى بالمأمون، فلما أحضر قال: ما هذه يا عبد الله؟ فقال: ضد محاسنك يا أمير المؤمنين ، كل ذلك وزبيدة تسمع ليبين لها عذره في ميله للمأمون .

وفي هذا الذي نحن فيه من بلاء ، ميّزْنا بين المحب لوطنه وأهله ، وبين الحاقد على أهله ووطنه وكان سببا في دماره وهلاك أهله .

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــ

الحيوان – للجاحظ (1/ 134)

مرآة الجنان وعبرة اليقظان - لليافعي (2/ 59)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق