الأحد، 17 أبريل 2016

سورة الفاتحة لماذا قرن العبادة بالاستعانة؟

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل
سورة الفاتحة
لماذا قرن العبادة بالاستعانة؟
و لماذا قدم العبادة على الاستعانة؟
يقول الدكتور فاضل :
أولاً ليدل على أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بعبادة الله إلا بإعانة الله له وتوفيقه فهو إذن شعار وإعلان أن الإنسان لا يستطيع أن يعمل شيئاً إلا بعون الله وهو إقرار بعجز الإنسان عن القيام بالعبادات وعن حمل الأمانة الثقيلة إذا لم يعنه الله تعالى على ذلك، الاستعانة بالله علاج لغرور الإنسان وكبريائه عن الاستعانة بالله واعتراف الإنسان بضعفه.
لماذا قدم العبادة على الاستعانة؟
العبادة هي علة خلق الإنس والجن (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات 56) والاستعانة إنما هي وسيلة للعبادة فالعبادة أولى بالتقديم.
العبادة هي حق الله والاستعانة هي مطلب من مطالبه وحق الله أولى من مطالبه.
تبدأ السورة بالحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين وهذه كلها من أسلوب الغيبة أي كلها للغائب ثم انتقل إلى الخطاب المباشر بقوله (إياك نعبد وإياك نستعين) . فلو قسنا على سياق الآيات الأولى لكان أولى القول إياه نعبد وإياه نستعين. فلماذا لم يقل سبحانه هذا؟
في البلاغة يسمى هذا الانتقال من الغائب للمخاطب أو المتكلم أو العكس " الالتفات ". للالتفات فائدة عامة وفائدة في المقام، أما الفائدة العامة فهي تطرية لنشاط السامع وتحريك الذهن للإصغاء والانتباه.
أما الفائدة التي يقتضيها المقام فهي إذا التفت المتكلم البليغ يكون لهذه الالتفاتة فائدة غير العامة مثال: (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) (يونس آية 22) لم يقل وجرين بكم فيها التفات لأنهم عندما ركبوا في البحر وجرت بهم الفلك أصبحوا غائبين وليسوا مخاطبين.
وعندما قال سبحانه الحمد لله رب العالمين فهو حاضر دائما فنودي بنداء الحاضر المخاطب. الكلام من أول الفاتحة إلى مالك يوم الدين كله ثناء على الله تعالى والثناء يكون في الحضور والغيبة والثناء في الغيبة أصدق وأولى أما (إياك نعبد وإياك نستعين) فهو دعاء والدعاء في الحضور أولى وأجدى؛ إذن الثناء في الغيبة أولى والدعاء في الحضور أولى والعبادة تؤدى في الحاضر وهي أولى.
-----------

-         لمسات بيانية في نصوص من التنزيل – الدكتور فاضل صالح السامرائي  (ص: 21)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق