السبت، 1 يناير 2022

حسن الاختيار تَرَى الفِتْيَانَ كالنَّخْلِ ومَا يدْرِيكَ مَا الدَّخْلُ.

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حسن الاختيار

تَرَى الفِتْيَانَ كالنَّخْلِ ومَا يدْرِيكَ مَا الدَّخْلُ.

سنوات عجاف مضت وبدأ عام جديد ، كثرت تلك السنوات البلاء بأشكال وصور جلها من غير المتوقع بعد عن الديار ومفارقة للأهل ، وبعد عن الأحبة . تشريد للأهل ، ودمار للوطن . ولكن ينفع الندم . عبس بأفكار الناس جر البلاء بكل صورة معروفة . وصور شيطانية براقة بهرجت لتقذف الناس إلى جحيم الدنيا . ولا حساب للعاقبة . ورضي الله عن حسان بن ثابت الأنصاري شاعر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال أعاذنا الله وإياكم من أن نكون مما ذكر :

لا عَيبَ بِالقَومِ مِن طولٍ وَلا عِظَمٍ  .. جُسمُ البِغالِ وَأَحلامُ العَصافيرِ

في المثل العربي المتقدم والذي يضرب لِذِي المَنْظَر الذي لا خَيْر عنده. صور للتسرع والعجلة . والعجلة كما يقال من الشيطان

ولنا في المثل العربي الذي بدأنا به عظة وقيل : أولُ من قال ذلك عَثْمَة بنت مَطْرودٍ البُجَيْلِيَّة، وكانت ذاتَ عقلٍ ورأى مستمع في قومها، وكانت لها أخت يقال لها خود، وكانت ذات جَمَال ومِيسَم وعَقْل، وأن سبعة إخوة غلمة من بطن الأزْد خطَبوا خودا إلى أبيها، فأتوه وعليهم الحُلَل اليمانية، وتحتهم النَّجَائِبُ الفُرَّهُ، فقالوا: نحن بنو مالك بن غُفَيْلة ذي النحيين فقال لهم: انزلوا على الماء، فنزلوا ليلَتَهم ثم أصبحوا غادِينَ في الحُلَل والهَيْأة ومعهم رَبِيبة لهم يقال لها الشعثاء كاهنة، فمروا بوَصِيدها يتعرَّضُون لها وكلهم وَسِيم جميل، وخرج أبوها فجلسوا إليه فرحَّب بهم، فقالوا: بلغنا أن لك بنتا ونحن كما ترى شَبَاب، وكلنا يَمْنَع الجانب، وبمنح الراغب، فقال أبوها: كلكم خِيار فأقيموا نَرَى رأينا، ثم دخل على ابنته فقال: ما ترين فقد أتاك هؤلاء القوم؟ فقالت أنْكِحْني على قَدْري، ولا تُشْطِط في مَهْري، فإن تُخْطِئني أحلامهم، لا تخطئني أجسامهم، لعي أصيب ولدا، وأكثر عَدَدا، فخرج أبوها فقال: أخبروني عن أفضلكم، قالت ربيبتهم الشعثاء الكاهنة: اسمع أخبرك عنهم، هم إخوة، وكلهم أسْوَة، أما الكبير فمالك، جريء فاتك، يتعب السَّنَابك، ويستصغر المَهَالك، وأما الذي يليه فالغَمْر، بحر غَمْر، يقصر دونه الفَخْر، نَهْد صَقْر، وأما الذي يليه فعَلْقَمَة، صليب المَعْجَمَة، مَنِيع المشتمة، قليل الجمجمة، وأما الذي يليه فعاصم، سَيِّدٌ ناعم، جَلْد صارم، أبيٌّ حازم، جيشُه غانم، وجاره سالم، وأما الذي يليه فثَوَاب، سريع الجَوَاب، عَتيد الصَّوَاب، كريم النِّصَاب، كلَيْث الغاب، وأما الذي يليه فَمُدْرِك، بَذْول لما يَمْلك، عَزُوب عما يترك، يُفْنِى ويُهْلِك، وأما الذي يليه فجَنْدَل، لقِرْنه مُجَدّل، مقل لما يَحْمِل، يُعْطي ويَبْذُل، وعن عدوه لا يَنْكُل، فشاورت أختها فهيم، فقالت أختها عَثْمَةُ: ترى الفِتيان كالنخل وما يدريك ما الدَّخْل، اسمعي مني كلمة، إن شرّض الغريبة يُعْلَن، وخيرها يُدْفَن، انكِحِي في قومك ولا تغررك الأجسام، فلم تقبل منها، وبعثت إلى أبيها أنكِحْنِي مدركا، فأنكحها أبوها على مائة ناقة ورُعَاتها، وحَمَلَها مدرك، فلم تَلْبث عنده إلا قليلا حتى صَبَّحهم فوارسُ من بني مالك بن كنانة، فاقتتلوا ساعة ثم إن زوجها وإخوته وبني عامر انكَشَفُوا فَسَبَوْهَا فيمن سَبَوْا، فبينا هي تسير بكَتْ، فقالوا: ما يبكيك؟ أعلى فراق زوجك؟ قالت: قَبَّحه الله! قالوا: لقد كان جميلا، قالت: قبح الله جمالا لا نَفْع معه، إنما أبكي على عصياني أختي وقولها "ترى الفيان كالنخل وما يدريك ما الدخل" وأخبرتهم كيف خطبوها، فقال لها رجل منهم يكنى أبا نُوَاس شاب أسود أَفْوَهُ مضطرب الخلق: أَتَرْضَيْنَ بي على أن أمنعك من ذئاب العرب، فقالت لأصحابه: أكذلك هو؟ قالوا: نعم إنه مع ما تَرَيْنَ ليَمْنَعُ الحَلِيلة، وتَتَّقِيه القبيلة، قالت: هذا أجمل جمال، وأكمل كمال، قد رضيت به، فزوجوها منه.

مجمع الأمثال (1/ 138)

الرسائل الأدبية (ص: 310)

العقد الفريد (5/ 383)

الدر الفريد وبيت القصيد (5/ 328)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الدَّخْل: العَيْبُ الباطن.

عَثْمة فَاسِدَةٌ مُشْتَقٌّ مِنَ العَثْمِ، أَن يجْبَر العَظمُ عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ.

الغلمة : شدة الشهوة

الخَوْدُ: الشابة ليست السريعة السير في مشيتها

الغلمة : حاجة الرجل للمرأة أو حاجة المرأة للرجل



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق