من أخبار الملوك كليوبترة حبيبة الشعب

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

من أخبار الملوك

كليوبترة حبيبة الشعب

وهو اسم ساحر أضفى عليه التاريخ من الأساطير مما ضاءلت معه أسماء الجميلات حتى آلهة الجمال . فهي لم تكن جميلة فحسب ولم تكن ملكة وذكية قوية الإرادة وساحرة الحديث بل كانت كل تلك الصفات . وكان حظ كليوبترة أن ولدت في الإسكندرية في عصر بلغت فيه روما غاية سموها وفيه أيضا كانت الإسكندرية عاصمة الدنيا حيث حوت مكتبها ثمانمائة ألف مجلد. وكان الناس يتكلمون كل اللغات المعروفة . وانتشرت المراقص التي يهرع الناس إليها منهمكين في ملذات الحياة . كانت كليوبترة ومن صغرها مولعة بالتجوال في ربوع الإسكندرية والاطلاع على هذا العالم العامر بالحياة . وفي هذا العالم عرفت وارثة عرش بطليموس الثاني كل أشكال الترف فأبوها الفرعون الذي عرف بالعازف بالناي ، ملك مترف دلل ابنته بكل ما أوتي . وكان يطوف بها مدائن مصر راكب نهر النيل . لم يطل نعيم كليوبترة طويلا فقد طرد أبا من مصر فالتجأ لجند الروم حيث أوفد حاكم روما بومبي القائد أنطونيو على رأس فرقة أعادت والدها للحكم . عادت الفرحة للفتاة ذات الرابعة عشرة ، وتجرأت لتأخذ شارة الملك من برنيس أركايلوس خصم أبيها . وجلست في شرفة القصرة بلباس رقيقة بيضاء لتبدو أكثر سحرا وجمالاً . تقدمت وشقت الجموع لتقبل أبا وقد عاد منتصراً . وكافأت أنطونيو في مع ابتسامة كرد جميل لما فعله مع أبيها . عاد أنطونيو لروما وعاد بطليموس إلى حياته كما كانت ثم توفي بعد ثلاث سنوات موصيا بالملك لكليوبترة وأخيها على أن يتزوجها وكان أخا لا يتجاوز اثنتي عشرة عاما وكان هذا الزواج معروفا حتى لا يتبدد الدم الفرعوني . أحبها المصريون حتى دعيت حبيبة الشعب ، إلا أن هذ الصفاء لم يطل حيث أرسل منيلوس يطلب إعادة الجند الرومان الذين عندها وكانوا قد تزوجوا من المصريين فأبوا مغادرة مصر ، ثم جاء بعد ذلك ابن بومبي ولأبيه فضل في إعادة والدها للحكم فأجابته لما طلب فأحبته ورأته في زوجا غير أخيه الذي تأمر عليها فهربت للصعيد . رأى قيصر أن تلتزم وأخاها بوصية والدها فهربت كليوبترة وقد حملت ضمن كيس متاع لرشاقتها وصغر حجمها حملها مؤدبها . لتصل إلى روما . جعلت كليوبترة تبكي وتشكو والقيصر لا يسمع إلا صوت نغمات أذهلته  وكان عمره خمس وخمسين سنة . دعا قيصر أخاها للتحكم إلا أن أخاه لاحظ ميل القيصر لها فخرج لينادي بالثورة على أخته وعلى القيصر . قبل القيصر مراد أخاها لقلة ما معه من الجند . وعادت هي لعرش مصر بل ووضعت يدها على عرش روما بعلاقة العشق والغرام مع القيصر . حملت كليوبترة من القيصر ووضعت غلام سمته قيصرون . قتل القيصر وفقدت كليوبترة حلمها في أن يتولى ابنها عرش روما فعادت وحاشيتها لمصر . بعد خلاف المتخاصمين لوراثة روما أصبح لأنطونيو حكم الشرق وكان معجبا بكليوبترة . عاش أنطونيو معها فترة عجز عن مجاراتها بالبذخ ولم يكن في علاقته معها كقيصر بل كان خشناً قاسيا

حملت كليوبترة من أنطونيو . الذي عاد لروما وتزوج من أخته أكتافيا التي تعادل كليوبترة في جمالها ، والتي وضعت توأم

أحدهما دعي بالشمس والآخر بالقمر . انتحر أنطونيو بعد خسارته مع خصومه في روما . شعرت كليوبترة بأن أكتاف سيذلها ويأخذها مهانة إلى روما فأمرت إحدى خدمها باستحضار ثعبان تركه يلدغ ثدييها . عاشت 39 وثلاثين سنة كنجم في سماء الجمال والذكاء والقوة والنشاط.

تظهر كليوباترا في كل الصور وهي تضع كحل العينين. قامت رفقة عشيقها الجنرال الروماني ماركوس أنطونيوس بإنشاء نادٍ للشرب خاص بهما، تقام فيه الحفلات الصاخبة والماجنة والولائم. درست كليوباترا الكيمياء، وكانت تؤمن بقوة الروائح ليس فقط لأغراض تجميلية، بل أيضا وسيلة للإقناع. ونشرت كليوباترا العطور على أشرعة سفينتها قبل أول لقاء لها مع ماركوس أنطونيوس، حتى يكون تأثيرها عليه قويا. وكانت أيضا تمتلك مصنعا للعطور، توجد أنقاضه قرب البحر الأحمر في عين جدي. بحسب الأسطورة، دخلت كليوباترا في جدال ذات مرة مع ماركوس أنطونيوس، وأكدت له أنها يمكنها صرف ما يعادل 10 ملايين قطعة فضية على وجبة واحدة.

ــــــــ

تراجم مصرية وغربية – الدكتور محمد محمد حسين

مصادر أخرى