الجمعة، 28 يناير 2022

 من طعامنا

بين الديكبريكة والدوبيركي
الديكبريكة. يقطّع اللحم أوساطا ويترك في القدر ويلقى عليه يسير ملح وكف حمص مقشور وكسفرة يابسة ورطبة وبصل مقطع وكراث ويطرح عليه غمرة ما، ويغلى ثم تؤخذ رغوته ويلقى عليه شيرج يسير وخل خمر ومرى ويلقى عليه قليل فلفل مسحوق ناعم ويطبخ حتّى يتبين طعمه. ومن الناس من يحليها بقليل سكر فاذا نضجت طرح فيها أطراف الطيب مع فلفل وكزبرة يابسة وتترك حتى تهدأ وترفع»
والظاهر أن صواب اللفظ (ديكبرديكة) ثم اختصر أو حرف الى ديكبريكة وديكريكة لأن الذى فى المعاجم الفارسية (ديك برديك) فمعنى (ديك) القدر و (بر) فوق وعلى، فيكون المراد قدر فوق قدر. وتقول هذه المعاجم إن هذا النوع المزدوج يستعمل لأعمال التصعيد والتقطير. ولا يبعد أن يكون هذا الطعام مما يعالج في طبخه بالبخار أى بوضع قدره على قدر أخرى فيها ماء يغلى على النار فسمى الطعام باسم وعائه.
حدّث أبو الفرج أحمد بن عثمان بن إبراهيم، الفقيه المعروف بابن النرسي، قال: كنت جالسا بحضرة أبي، وأنا حدث، وعنده جماعة، فحدّثني حديث وصول النعم إلى الناس بالألوان الطريفة، وكان ممّن حضر، صديق لأبي، فسمعته يحدّث أبي، قال:
حضرت عند صديق لي من التجّار، كان يحزر بمائة ألف دينار، في دعوة، وكان حسن المروءة. فقدّم مائدته، وعليها ديكبريكه ، فلم يأكل منها، فامتنعنا. فقال: كلوا، فإنّي أتأذّى بأكل هذا اللون. فقلنا: نساعدك على تركه. فقال: بل أساعدكم على الأكل، وأحتمل الأذى، فأكل، فلمّا أراد غسل يديه أطال، فعددت عليه، أنّه قد غسلها أربعين مرة. فقلت: يا هذا، وسوست؟ فقال: هذه الأذيّة التي فرقت منها.
في أيام طفولتنا وما قبلها وحين تهبط أسعار اللبن ( الرائب ) وأقصد هنا أن قيمة الكيلو غرام إلى ما دون العشرة قروش سورية في المعرة وريفها – وللعلم فإن سعر كغ اللبن في أشد حالاته عن 25 ق.ش يقوم الناس بشراء كميات من لبن الغنم حسب حجم العائلة - فلبن البقر غير متوفر ونادر الوجود حينها - حيث يتم وضع اللبن في طنجرة نحاسية كبيرة مع إضافة الملح إليه ومن ثم القيام بعملية غليه على النار الطبيعية أو عن الببور الذي يعمل على الكاز وذلك لمدة تختلف حسب لزوجة اللبن ونسبة الماء فيه . تصب بعدها في صواني نحاسية حتى تبرد ومن ثم توضع في قطاميز كبيرة وتختم بالزيت حتى موعد أكلها في الشتاء .
تؤكل مع الزيت والنعناع وتستخدم كلبن رائب والدوبيركي تُستخدم في الكثير من الطبخات اللذيذة كـ "السمبوسك" و"الشيشبرك"
نهاية الأرب في فنون الأدب (2/ 165)
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة – القاضي التنوخي (4/ 177)




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق