الخميس، 30 ديسمبر 2021

ولمسات بيانية في نصوص من التنزيل سؤال : ما دلالة استخدام صيغة (عَسِر) في آية سورة القمر؟

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ولمسات بيانية في نصوص من التنزيل 
سؤال : ما دلالة استخدام صيغة (عَسِر) في آية سورة القمر؟

يقول الدكتور فاضل أحسن الله جزاءه : قال تعالى في سورة القمر (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)) من أوزان الصفة المشبّهة فعِل وفعيل فتأتي هاتين الصفتين للمبالغة أو صفة مشبّهة، يُقال فرِح وطويل.

و"عَسِر" غير "عسير" والكلام في موضوع الصيغة المشبهة ودلالاتها ومعانيها طويل لكن نتحدث عنه بشكل موجز هنا. نقول مثلاً صيغة "أفعل"؛ مثل: "أحمر" تستعمل للنعوت والحُلى الظاهرة. "عسِر" تستعمل للأشياء الداخلية، بينما "أعسر" تستعمل للصفات الظاهرة والجسمية. مثل شريف وأشرف: "أشرف" تعني المرتفِع الكتفين، وكذلك رئيس وأرأس بمعنى رأسه كبير. "مليح" بمعنى جميل و"أملح" بمعنى أبيض اللون. أسِف (فرجع موسى غضبان أسِفا) من الاندفاع وجاء في قول عائشة عن أبيها: (إن أبا بكر رجل أسيف) هذه ليست حالة عارضة وإنما وصف له.

وكذلك كلمة "بطِن" (بمعنى لا يهمه إلا بطنه) و"بطين" (بمعنى كبير البطن واسعة) ، نشِط (مندفع وهي حالة اندفاعية) أما "نشيط" فهي صفة عامة. فكلمة "عَسِر" غير "عسير" فيقال: عسِر عليه الأمر فهو عسيِر فالأمر خاص به؛ قد يكون عسِراً عليه لكنه ليس كذلك على غيره؛ فقد يعسر أمر ما على طفل ولا يعسر على من هو أكبر منه.

أما (عسُر الأمر) : الوصف فيه عسير ويدل على الثبوت خِلقة أو اكتساباً (طويل، خطيب) ويُقال فقُه الرجل فهو فقيه (حالة ثبات) ويقال فقِه الرجل المسألة (تحديداً وليس على الإطلاق) فهو لها فاقِه أو فقِه. فكلمة (عسير) تقال عندما يكون الأمر عسير في ذاته صعب، أما "عسِر" فهو نسبي. وقد وصف تعالى قول الكافرين الذين يقولون (هذا يوم عسِر) لأنه نسبي لهم والله تعالى ييسره على من يشاء. هو لا شك يوم عسير كما وصفه تعالى في سورة المدّثر (فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)) فهو على الكافرين عسير لكن قد لا يكون كذلك على غيرهم. ولو لم يحدد الله تعالى أنه عسير على الكافرين لكان عسيراً على الكل. فكلمة عسِر وعسير اشتقاقهما من مادة واحدة (ع س ر) لكن المعنى اختلف باختلاف الصيغة. عسِر وعسير وأعسر كلها صفات مشبهة لكن لكل منها معنى مختلفاً عن الأخرى.

-------

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات - الدكتور فاضل صالح السامرائي  (ص : 880  )



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق