إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ومن صور الابتلاء التي تنهك العقل وتكاد تقتل النفس ، أن تجد من يقول لك : هيك الصح ، ولا خيار . وكما خَيّرْ جُحَا صاحبه : بدك غزال خود حمار . لا بدك حمار خود الحمار . ترى لا تقول ما خَيَّرْتك .
صَبِيحَةٌ
مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي
أَخَوَاتِي
الكتب
بساتين العلماء
وقيل
: «ذهبت المكارم إلا من الكتب»
ونحن
أصبحت مكتبتنا لسانها الهاتف وعدد نسخها ،ما هو محفوظ عند google حتى أن الكثيرين لم يكلف
نفسه عناء البحث عن أصلها وكلمه جوجل google هي كلمة googol وهو
مصطلح رياضي يعني 1 متبوعًا بمائة صفر 0 نسب ابتكاره لعالم الرياضيات ميلتون سيروت.
لا
تمييز بين حق وباطل ولا مصدر ولا سند حتى أفقد الحال لذة النظر إلى الكتاب وأضحى
شراء الكتاب شيء من التبزير ووضع المال في غير موضعه . وقد قالوا : والكتاب قد
يفضل صاحبه، ويتقدّم مؤلّفه، ويرجّح قلمه على لسانه بأمور: أنّ الكتاب يقرأ بكلّ
مكان، ويظهر ما فيه على كلّ لسان، ويوجد مع كلّ زمان، على تفاوت ما بين الأعصار ،
وتباعد ما بين الأمصار، فقد يذهب الحكيم وتبقى كتبه، ويذهب العقل ويبقى أثره. قال
أبو عبيدة وحدّثني صديق لي قال: قرأت على شيخ شاميّ كتابا فيه من مآثر غطفان فقال:
«ذهبت المكارم إلّا من الكتب» كان الحسن اللؤلؤي يقول: غبرت أربعين عاما ما قلت
ولا بتّ ولا اتكأت إلّا والكتاب موضوع على صدري. وقال ابن الجهم: إذا غشيني النعاس
في غير وقت نوم- وبئس الشيء النوم الفاضل عن الحاجة- قال: فإذا اعتراني ذلك تناولت
كتابا من كتب الحكم، فأجد اهتزازي للفوائد، والأريحيّة التي تعتريني عند الظفر
ببعض الحاجة، والذي يغشى قلبي من سرور الاستبانة وعزّ التبيين أشدّ إيقاظا من نهيق
الحمير وصوت الهدم. وقال ابن الجهم: إذا استحسنت الكتاب واستجدته، ورجوت منه
الفائدة ورأيت ذلك فيه- فلو تراني وأنا ساعة بعد ساعة أنظر كم بقي . وقالوا: من
ورّثته كتابا، وأودعته علما، فقد ورثته ما يغل ولا يستغلّ، وقد ورثته الضيعة التي
لا تحتاج إلى إثارة، ولا إلى سقي .
والعجيب
أن تجد غير المسلمين عبر التاريخ حريصون
على وجود الكتب . قال إبراهيم بن السّنديّ مرة: وددت أنّ الزنادقة لم يكونوا حرصاء
على المغالاة بالورق النقيّ الأبيض، وعلى تخيّر الحبر الأسود المشرق البرّاق، وعلى
استجادة الخطّ والإرغاب ( أي الترغيب ) لمن يخطّ، فإنّي لم أر كورق كتبهم ورقا،
ولا كالخطوط التي فيها خطّا. وإذا غرمت مالا عظيما- مع حبي للمال وبغض الغرم- كان
سخاء النفس بالإنفاق على الكتب، دليلا على تعظيم العلم، وتعظيم العلم دليل على شرف
النفس، وعلى السلامة من سكر الآفات. قلت لإبراهيم: إنّ إنفاق الزنادقة على تحصيل
الكتب، كإنفاق النصارى على البيع، ولو كانت كتب الزنادقة حتى كتب حِكَمٍ . ومن عرف تاريخ أمته وجد حرصا على وجود . الملك
المؤيد (هزبر الدين داود) اشتغل بالعلم واعتنى بجمع الكتب. حتّى اشتملت خزائنه على
مائة ألف مجلّد . وأصبحنا نأنف حتى من وجود الكتاب حتى أن حجم الكتاب أضحى عائقا
يضيق به المكان ، ننقله من مكان إلى آخر بانتظار أن يقال لنا تخلصوا منه .
ورحم
الله ابن يسير حيث قال :
إنّ
الأوائل قد بانوا بعلمهم ... خلاف قولك قد بانوا وقد ذهبوا
ما
مات منا امرؤ أبقى لنا أدبا ... نكون منه إذا ما مات نكتسب
ومن
البلاء معادات الكتاب
يا
رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــــ
المحاسن
والأضداد (ص: 21)
الحيوان
(1/ 40)
صبح
الأعشى في صناعة الإنشاء (5/ 30)
صَبِيحَةٌ
مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي
أَخَوَاتِي
النفاق
دليل ضعف فالقوي هو الذي ينافقه الناس
فإن
نافقت فاعلم أنك أنت الأضعف . والكل يعلم أن المنافق يقول ما لا يؤمن به. . وفي
داخل نفسه يؤمن بما لا يقول.
وفي
المعرة يقولون : أشو هل الزمن ما عاد فيك تصدق
ومن
المحزن إن تفشى النفاق بين المجتمعات قلب الموازين فحينها تجد من يجيد النفاق هو
الذي يصل إلى الدرجات العلا، والذي يتقن عمله لا يصل إلى شيء. ولك أن تتوقع النتيجة
وهي أن مجموعة من المنافقين الجهلة هم الذين يسيرون الأمور بدون علم. ويعم الفساد بين
الناس ويضيع الحق. ويصبح المجتمع غابة لوحوش في هيئة بشر . كل إنسان يريد أن يحقق
هواه بصرف النظر عن حقوق الآخرين. فمن يعمل لا يصل إلى حقه. لإحساسه أن لا فائدة
من العمل، فيتحول المجتمع كله إلى مجموعة من غير المنتجين أي مستهلكين ما ينتجه
الآخرون. ولو تساءلنا عن هوية المنافق لوجودنا أن النفاق دليل ضعف . ترى لِمَ لَمْ
يظهر النفاق في مكة المكرمة وتأتيك الإجابة : لأن الإسلام في مكة كان ضعيفاً،
والضعيف لا ينافقه أحد، والإسلام في المدينة أصبح قوياً، والقوي هو الذي ينافقه
الناس. قال الحق جلّ في علاه : {وَمِنْ أَهْلِ المدينة مَرَدُواْ عَلَى النفاق}
[التوبة: 101] . ومن المؤشرات التي تدل على انتشار النفاق تفشي الخصومات بين الناس
لتكثر التحزبات كلٍ لفئة . وأنا على صح وأنت على باطل ، قال بعض الحكماء: الخصومة
تمرض القلوب وتثّبت فيها النفاق. ونقل عن الْفُضَيْلَ، قَوْلُهُ : «يَكُونُ فِي آخِرِ
الزَّمَانِ إِخْوَانُ الْعَلَانِيَةِ، أَعْدَاءُ السَّرِيرَةِ، وَذَلِكَ
النِّفَاقُ» ويقل الصادقون فلا تجد إلا أيما تنافق لك أي من ترملت وتبحث عن زوج
تظهر المودة لتحقيق مأربها ، وهو عين المثل العربي : حَظّ الْمَرْء نفاق أيمه
وَرَحِمَ
الله حَمَّادُ عَجْرَدُ حيث قال :
كَمْ
مِنْ أَخٍ لَك لَيْسَ تُنْكِرُهُ ... مَا دُمْت فِي دُنْيَاك فِي يَسْرِ
مُتَصَنِّعٌ
لَك فِي مَوَدَّتِهِ ... يَلْقَاك بِالتَّرْحِيبِ وَالْبِشْرِ
فَإِذَا
عَدَا وَالدَّهْرُ ذُو غِيَرٍ ... دَهْرٌ عَلَيْك عَدَا مَعَ الدَّهْرِ
فَارْفُضْ
بِإِجْمَالٍ مَوَدَّةَ مَنْ ... يَقْلِي الْمُقِلَّ وَيَعْشَقُ الْمُثْرِي
وَعَلَيْك
مَنْ حَالَاهُ وَاحِدَةٌ ... فِي الْعُسْرِ إمَّا كُنْت وَالْيُسْرِ
وكذلك
رحم الله إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حيث قال :
وَكَمْ
مِنْ صَدِيقٍ وُدُّهُ بِلِسَانِهِ ... خَئُونٌ بِظَهْرِ الْغَيْبِ لَا يَتَذَمَّمُ
يُضَاحِكُنِي
عَجَبًا إذَا مَا لَقِيتُهُ ... وَيَصْدُفُنِي مِنْهُ إذَا غِبْتُ أَسْهُمُ
كَذَلِكَ
ذُو الْوَجْهَيْنِ يُرْضِيك شَاهِدًا ... وَفِي غَيْبِهِ إنْ غَابَ صَابٌ
وَعَلْقَمُ
والنصيحة
لمن أحب البعد عن النفاق
خَلِّ
النِّفَاقَ لِأَهْلِهِ ... وَعَلَيْك فَالْتَمِسْ الطَّرِيقَا
وَارْغَبْ
بِنَفْسِك أَنْ تُرَى ... إلَّا عَدُوًّا أَوْ صَدِيقَا
أن
ينافق المرء لعدوه فوارد ومشاهد
إلا
أن البشاعة أن ينافق المرء لتدمير بلده وهلاك أهله.والمقابل سعادة يراها سبيلا لتحقيق
مآربه ،وألم يصيب الوطن والأهل
يا
رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموشى
= الظرف والظرفاء (ص: 14) جمهرة الأمثال (2/ 252) التوبيخ والتنبيه لأبي الشيخ
الأصبهاني (ص: 85)
أدب
الدنيا والدين - الماوردي(ص: 165) تفسير الشعراوي (2/ 870)