الثلاثاء، 23 يونيو 2020

«أعيا من باقل»

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

«أعيا من باقل»

ومن البلاء أن أصبح الكثيرون أعيا من باقل فدَّاءُ العَياء وهو الحُمْقُ. قد استفحل والإعْياءُ وأقل مظاهره : أن تَأتي بكَلام، لا يُهْتَدَى إليه ، والأعجب استخدام ألفاظ لو سئل صاحبها عن دلالتها لأظهر العجز وعوض ذلك بالتعليل : قصدت كذا ولم أقصد كذا . لقد بلغ الحمق فينا مبلغا حتى تجاوزنا في ذلك من ضرب له المثل في الحمق . أما من ضرب له المثل في حسن اختيار الألفاظ فلا شأن لنا به فنحن نقف وإياه على تضاد . وقد ضربت العرب بباقل المثل في العيّ والفهاهة، فقالوا: «أعيا من باقل» كما ضربوا بسحبان وائل المثل في البلاغة والخطابة، فقالوا: أبلغ من سحبان وائل » ووائل: بطن من باهلة، وباقل: أحد بنى قيس بن ثعلبة وممّا يؤثر عن باقل أنه شرى ظبية بأحد عشر درهما، فقيل له: بكم شريت الظبية؟ ففتح كفّيه وفرق أصابعه، وأخرج لسانه، يريد أحد عشر، فأفلتت الظبية فعيّروه

 يلومون فِي حمقه باقلا ... كَأَن الحماقة لم تخلق

فَلَا تكثروا العذل فِي عيه ... فللعي أجمل بالأموق

خُرُوج اللِّسَان وَفتح البنان ... أحب إِلَيْنَا من الْمنطق

لقد أصبح داء العي والحمق في زماننا ميزة ، كما كان خروج اللسان وابعاد الأصابع وسيلة للتعبير حتى وإن أضاع صاحبها ما ملك وأكثر من ذلك أن يكون سعيدا بهذا الضياع .

ضيعنا الوطن ونتباكى على أهله ، وأهله من ضيعه

يا رب فرج عنا

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــ

المستقصى في أمثال العرب – الزمخشري (1/ 256)

أمالي ابن الشجري (2/ 500)

==============

أموق : أحمق

باقل : من البقل وهو نبات معروف

الفهاهة : العي والزلة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق