الثلاثاء، 23 يونيو 2020

مقام الخلفاء ومكانة العلماء من هارون الرشيد ومالك بن أنس رحمها الله نتعلم

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

مقام الخلفاء ومكانة العلماء

من هارون الرشيد ومالك بن أنس رحمها الله نتعلم .

فرق في التعامل بين الحاكم والمحكوم بين العالم والمتعلم بين الأب والأم والولد . وحتى في شكل الخطاب لابد من اختلاف بحسب المخاطب وقد قيل : لكل مقامٍ مقالٌ؛ وقيل أن أول من قال ذلك طرفة بن العبد في شعر يعتذر فيه إلى عمرو بن هند:

تصدَّق عليَّ هداكَ المليكُ ... فإنّ لكلِّ مقامٍ مقالاً

ولكل موضعٍ مجالٌ ، ولكلّ زمان رجال ، ولكل عمل ثواب .فمن لا يحسن التمييز بين الناس في تعامله معهم كثرة إشكالياتة وزادت متاعبه . وفي الأثر عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، أَنَّ عَائِشَةَ، مَرَّ بِهَا سَائِلٌ فَأَعْطَتْهُ كِسْرَةً وَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَهَيْئَةٌ فَأَقْعَدَتْهُ فَأَكَلَ فَقِيلَ لَهَا فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ». لقد أوضحت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سبب صنيعها - حين أعطت الأول كِسرة خبز وأقعدت الثاني فأطعمته - بأنه إنزال للناس منازلهم، قال العزيزي: "المراد بالحديث الحض على مراعاة مقادير الناس ومراتبهم ومناصبهم وتفضيل بعضهم على بعض في المجالس وفي القيام وغير ذلك من الحقوق"، والمقصود معاملة كل أحد بما يلائم منصبه في الدين والعلم والشرف. قال إِبراهيمُ النَّهاوندي: قدم هارونُ المدينة حاجًّا، فأرسل إلى مالك بن أنسٍ مع البرمكيِّ يقول: احمل "الموطَّأَ" لنسمعَه عليك، فقال مالكٌ للبرمكي: قل له: العلمُ يؤتَى ولا يأتي. فجاء البرمكيُّ فأخبره وعنده القاضي أبو يوسف، فقال له: يا أميرَ المؤمنين، يبلغ أهلَ العراق أنَّك بعثت إلى مالكٍ في أمرٍ فخالفك فيه! اعزم عليه. فبينما هم على ذلك، إذ جاء مالكٌ فدخل وسلَّم وجلس، فقال هارون: يا ابنَ أبي عامر، أَبعث إليك في أمرٍ فتخالفني فيه! فقال مالك: أَخبرَني الزُّهري، عن خارجةَ بن زيد بن ثابت، عن أبيه قال: كنت أكتب الوحيَ بين يدي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزل قولُه تعالى: {لَا يَسْتَوي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] وابنُ أمِّ مكتوم حاضر، فقال: يا رسولَ الله، إنِّي رجلٌ ضريرٌ لا أقدر على الجهاد، وقد أنزل اللهُ هذه الآية، قال زيد: وقلمي رَطْبٌ ما جفّ، فأخذ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يأخذه عند نزولِ الوحي، فلمَّا سُرِّي عنه قال: يا زيد، اكتب: {غَيرُ أُولِي الضَّرَرِ} ، يا أميرَ المؤمنين، فمن أجل حرفٍ واحدٍ بعث إليه جبريلَ من مسيرة خمسين ألفَ عامٍ أو خمسةِ آلاف عام، أفلا أُجِلُّ أنا العلمَ وأرفعه وقد رفعك اللهُ بحديث ابن عمِّك [رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا تكن أوَّل مَن وضعه. فقام هارونُ وأتى بيتَ مالك] فلمَّا دخل جلس في مَرْتَبة مالك، فقال مالك: أدركنا الخلفاءَ يُعزُّون العلم، فنزل هارونُ وقعد بين يديه وسمع منه الموطَّأ. وفي رواية عبدِ الله بن عبدِ الحكم قال: حجَّ هارون، فدخل عليه مالك، فقال له: ينبغي أن تختلفَ إلينا حتَّى تَسمعَ صبيانُنا منك الموطَّأ، قال: فقال له مالك: إنَّ هذا العلمَ منكم خرج، فإن أعزَزْتُموه عزّ، وإن أذللتموه ذلَّ، قال: قال: فاخرج إلى المسجد ليسمعوه منك أو عليك، قال: فخرج مالكٌ، وجاؤوا إليه فسمعوه عليه. وقال الأصمعي: حجَّ هارون، فأتى مالكًا ليسمعَ منه الموطَّأ، فحجبه ساعة، فغضب هارون، فلمَّا دخل عليه قال: يا أميرَ المؤمنين، عاهدت الله ألا أحدِّث إلَّا على وضوء، وإني كنت أتوضَّأ، فسُرِّي عن هارون. وقال مالك: لو أرسلتَ إليَّ لأتيتك، فقال هارون: العلمُ يؤتَى ولا يأتي. فأحضر مالكٌ الموطَّأ، فقرأه ابنُ أبي وهب، فأراد هارونُ أن يحملَ الناسَ عليه، فقال له مالك: إنَّ السلطان إذا حمل الناسَ على مذهبٍ تجافاه العوامّ، فسكت هارون.

ونحن اليوم نترصد سقطات علمائنا وهذا من دواعي البلاء الذي حل بنا . فلا تمييز بين الناس لا في قدر ولا في مقال

يا رب فرج عنا . يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــ

سنن أبي داود (4/ 261) - مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (13/ 189) - كليلة ودمنة (ص: 161)

الفاخر - المفضل بن سلمة بن عاصم (ص: 314) - مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (13/ 190)

أخرج بنحوه البخاري (2832) ومسلم (1898).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق