الثلاثاء، 23 يونيو 2020

لمحات من معاناة أهل الأندلس

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
لمحات من معاناة أهل الأندلس
إن دراسة التاريخ العربي الإسلامي تثير إعجاب الدارس لدرجة أنها تثير الاستغراب والدهشة بالنسبة لكل حيثياته ، وهي صفة لا نجدها إطلاقاً في تاريخ الأمم عبر التاريخ ، إنها صفة إعجاز فيه له وليست لغيره ، فأنت عندما تدرس تاريخ أي أمة من الأمم دراسة وعلى درجة عالية من الموضوعية تلاحظ التشابه فيما تدرس فالحياة الإنسانية مهما تنوعت فعناصر التشابه موجودة بين البشر ، وهذا أمر لا يثير الاستغراب و يتوضح بجلاء في ثوابت أسس قيام الحضارة الإنسانية أي كانت أو زوالها ، فالحضارات الإنسانية عبر التاريخ الإنساني قامت ثم زالت زوالاً لم يبق منها إلا آثارها في البناء والعلوم أما ما يميز الحضارة العربية الإسلامية فهو البقاء والديمومة وذلك يشمل آثارها وأصحابها على الرغم من أن الكوارث التي تعرضت كانت كافية للقضاء عليها ومحو آثارها ، ومما يزيد الأمر استغرابا ودهشة تتابع هذه الكوارث وبقاء هذه الحضارة والأمثلة ليست بخافية على أحد ، فالكوارث الداخلية ثم الغزو التدميري الخارجي كالغزو الفرنجي الذي لم يكد يتخلص منه حتى كانت كارثة التتار والغزوات الصليبية الجديدة كل هذه الكوارث وغيرها نضيف إليها أهدافها المشتركة للقضاء وبلا هوادة على العرب والمسلمين وحضارتهم إلى درجة الإبادة بل سحقها لو استطاعوا0
 ومع ذلك فتاريخنا لازال يتدفق وكأنه نهر كأضخم نهر عرفته الإنسانية لم يهرم ولن يعرف الهرم ولم يعكر نقاء مائه إلا فترات يقوم أصحابه هم أنفسهم بتعكير صفوه ولكنهم وفجأة يصحون فتراهم يحجمون عن سوء أفعالهم ليعود النهر لصفائه ونقاوته ، فالخلاف بين سيدنا علي وسيدنا معاوية رضي الله عنهما كاد أن يودي بالأمة فكان الحسين رضي الله عنه بقعة الضوء فيها وعادة وحدة الأمة إلى سابق عهدها وكذلك كان عبد الرحمن الداخل والمنصور ابن أبي عامر وعماد الدين الزنكي وابنه نور الدين وغيرهم بقع ضوء في هذا التاريخ وذلك حينما ييأس الناس من واقع ويصلون إلى درجة يظنون فيها أن هذه الكارثة هي النهاية حينها يأتي نصر الله متمثلاً في بقع ضوء تبدو صغيرة وقد لا يكترث بها تعيد للأمة قوتها وحيويتها وتثبت للدنيا بأن هذه الأمة وهذا التاريخ باق حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وكذلك لقد كان دعم الدولة العثمانية وما قدمته بقعة ضوء في تاريخ هذه الأمة فكان دعمها لخير الدين بربروس وأخيه عروج اللذين مثّلا أوسع بقعة للضوء فوق مياه البحر المتوسط في العقد الأول وحتى منتصف القرن السادس عشر الميلادي ، ليمثل جهادهما علامة فارقة لجهاد العرب والمسلمين في وجه أعداء الأمة والراغبين في زوالها نعم لقد أثبت هذان الأخوان وأمثالهما من المجاهدين أن هذه الأمة هم أمة السلم وهي أمة الجهاد لإحقاق الحق ودفع الظلم وهذه الثوابت وتلك الصفات هي صفات أمة حق لها أن لا تعرف الزوال وأن لا تعرف الموت بل لا يريد الله لها أن تموت 0
كان من آثار التهجير الجماعي للعرب والمسلمين من الأندلس ونزوح أعداد كبيرة منهم إلى الشمال الأفريقي والأفعال غير الإنسانية التي فعلها من قام بإخراج العرب المسلمين من الأندلس إلى أن وصل الحد محاسبة الأندلسيين على أسلوب تكفين موتاهم وحتى لون الكفن يجب أن لا يكون أبيضاً وإلا تعرض أهل الميت كلهم للموت مع التمثيل بهم قبل موتهم ، والأرقام المسجلة بين سنة 1609 – و – 1611 م لأمثال هذه الحالات في الوثائق الرسمية الأسبانية بلغت 50000 ألف إنسان ، وهذا التهجير أدى إلى حدوث العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في ولايات الشمال الأفريقي 0وكان النازحون يمثلون كل أشكال المجتمع الاندلسي ومنهم أعداد وفيرة من البحارة ، الذين بدؤوا البحث عن الوسائل الملائمة لاستقرارهم ، إلا أن بعض العوامل التي توفرت دفعت بأعداد من هؤلاء البحارة إلى طريق الجهاد ضد القوى الفرنجية في البحر المتوسط ، ويأتي في مقدمة هذه الأسباب الدافع الديني بسبب الصراع الذي جرى في الأندلس وأدى إلى إخراج العرب والمسلمين منها ومتابعة الأسبان والبرتغال للمسلمين في الشمال والأفريقي 0وقد ظلت حركات الجهاد الإسلامي ضد الأسبان والبرتغاليين غير منظمة حتى ظهور الأخوان خير الدين وعروج بربروس اللذين استطاعا تجميع القوات الإسلامية في الجزائر وتوجيهها نحو الهدف المشترك لصد أعداء العرب والإسلام عن التوسع في موانئ ومدن الشمال الأفريقي . وقد اعتمدت هذه القوة الإسلامية الجديدة في جهادها أسلوب الكر و الفر في البحر بسبب عدم قدرتها في الدخول في حرب نظامية ضد القوى الفرنجية من الإسبان والبرتغاليين وفرسان القديس يوحنا ، وقد حقق هؤلاء المجاهدين نجاحاً أثار قلق القوى المعادية ، ثم رأى الأخوان بنظر ثاقب أن يدخلوا تحت سيادة الدولة العثمانية لتوحيد جهود العرب المسلمين ضد القوى الحاقدة. وقد حاول المؤرخون الأوروبيون التشكيك في طبيعة الحركة الجهادية في البحر المتوسط ووصفوا دورها بالقرصنة وكذلك شككوا في أصل أهم قادتها وهما خير الدين وأخوه عروج الأمر الذي يفرض ضرورة إلقاء الضوء على دور الأخوين وأصلهما ، وأثر هذه الحركة على الدور الفرنجي في البحر المتوسط في زمن السلطان سليم والسلطان سليمان القانوني عام 926 هـ (1520 م).
قل ما شئت عما نحن فيه من بلاء .إلا أننا واثقون بأن الله القادر على رد الأمن والأمان لسوريا وأهل سوريا
يا رب فرج عن سوريا وأهلها


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق