الثلاثاء، 23 يونيو 2020

سيدا البحر المتوسط في القرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي عروج وأخيه خير الدين بارباوس

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

واستكمالا لما نشرته يوم الأحد / 8 / 10 / 1441 / هـ / 31 / 5 / 2020 م عن معاناة أهلنا في الأندلس

سيدا البحر المتوسط في القرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي

عروج وأخيه خير الدين بارباوس

يرجع أكثر المؤرخين أصل الأخوين المجاهدين خضر ولقبه خير الدين ولحيته شقراء أعطته لقب ( بارباروس) وعرف أيضاً بخير الدين البحري في المصادر العثمانية ، أما أخوه عروج الذي قتل سنة 924/هـ وكان قائد الحملات التي كان يشنها على الإسبان وكان أسبق من أخيه في العمليات العسكرية الموجه ضد الأسبان ولقد مارس الغزو والجهاد في البحر منذ حداثته ومعه أخوه الياس .

عروج

هو عروج بن يعقوب . كان لأبيه أربعة أبناء هم : إسحاق وعروج وخضر والياس ، وقد عملوا بالسفن التجارية وكان نشاطه وإخوته موجها ضد السفن المسيحية ، وفي خدمة الإسلام والمسلمين مارس الغزو والجهاد في البحر منذ حداثته ومعه أخوه الياس . وكان فرسان جزيرة (ردوس) يتعرضون للسفن الإسلامية ويمارسون أعمال السلب والنهب فتصدى لهم مع أخيه الياس في معركة استشهد فيها أخوه الياس وأسر وسجن في الجزيرة (ردوس) ، وتمكن من الهرب من سجنه والوصول إلى إيطاليا ومنها توجه إلى مصر وتمكن من مقابلة السلطان الغوري ، سلطان مصر وعرض عليه العمل عنده فسلمه سفينة وكان السلطان يقوم بإنشاء أسطول بحري ليرسله إلى الهند . جمع عروج في سفينته بحارة وأخذ يهاجم الجزر النصرانية ، وفي معركة جرت معهم تمكن من الاستيلاء على ثلاث سفن واتخذ (جربة) مركزا له وبدأ بممارسة الجهاد في المياه المغربية . وأخذ عروج يتعرض للسفن النصرانية ويتغلب عليها وشاعت بطولته وانتشر اسمه في سواحل شمال إفريقية وحصل على سمعة طيبة لنقله بين سنتي 1510 - 1504 م عددا كبيرا من الأندلسيين إلى شمال إفريقية . وفي عام 1516م استولى على الجزائر ثم استولى على (تلمسان) وهرب منها أبو حمو موسى الثالث ، ولما أخذ أبو زيان يتأمر عليه قتله ثم أعلن نفسه حاكما على البلاد . وفي عام 1518/م - 924/ هـ قتل في المعركة التي جرت بينه وبين الإسبان من أجل استرداد تلمسان وعمره يومئذ /55/ سنة ودعي أخوه خير الدين فحل محله حاكما على الجزائر

أما خضر ولقبه خير الدين ولحيته شقراء ( بارباروس) .هو أخو عروج الذي قتل سنة 924/هـ وكان قائد الحملات التي كان يشنها على الإسبان فاستلم القيادة بعد وفاته. وفي سنة 927/هـ (1520/م) هزم الجيش الإسباني الذي حاول الاستيلاء على الجزائر . وفي سنة 937/هـ (1531/م) استولى على تونس ولجأ ملكها محمد الحسن الحفصي إلى الإسبان بطلب حماية الملك شارل الخامس (شارلكان) فجهز الملك الإسباني حملة بحرية أخرجت خير الدين من تونس وأعادت محمد بن الحسن الحفصي إلى ملكه بعد أن قيدته بوجائب مذلة ومرهقة. وفي عام 947/هـ (1541/م) ينتفض أحمد بن الحسن الحفصي ويخلعه ويستولي على الحكم . وفي 950/هـ (1544/م) تعلن إسبانيا الحرب على فرانسا فيستنجد فرانسوا الأول ملك فرانسا بالسلطان سليمان القانوني فينجده بأسطول بحري يقوده خير الدين بارباروس ويخوض مع الإسبان معارك حربية يفوز بها عليهم ويسترد منهم مدينة (نابولي) . وأعدّ ستاً وثلاثين سفينة نقل بها، خلال سبع رحلات، سبعين ألف مسلم من السواحل الإسبانية إلى الجزائر وجعلها قاعدة لصد الهجوم الإسباني. وأنزل بالأسطول الإسباني هزائم وجعل المتوسط الشرقي بحيرة عثمانية. منحه السلطان العثماني لقب (بكلر بك) أي القائد العام. وتوفي في استانبول بعد عودته من مؤازرة ملك فرانسا ضد ملك إسبانيا وتوفي في قصر له لى البوسفور وله من العمر / 65/ سنة وخلفه في الجزائر ابنه حسن باشا.
جند أولاد يعقوب حياة لمواجهة الغزو الفرنجي للسواحل العربية وفي إحدى المعارك ضد فرسان جزيرة (ردوس) الذين كانوا يتعرضون للسفن الإسلامية ويمارسون أعمال السلب والنهب فتصدى لهم مع أخيه الياس في معركة استشهد فيها أخوه الياس وأسر عروج وسجن في
جزيرة (ردوس) ، ثم تمكن من الهرب من سجنه والوصول إلى إيطاليا ومنها توجه إلى مصر وتمكن من مقابلة السلطان قانصوه الغوري ، سلطان مصر وعرض عليه العمل عنده ، فسلمه سفينة وكان السلطان يقوم بإنشاء أسطول بحري ليرسله إلى الهند . جمع عروج في سفينته مجموعة من البحارة وأخذ يهاجم الجزر الفرنجية ، ومن خلال العديد من المعارك تمكن من الاستيلاء على ثلاث سفن حربية اتخذ بعد ذلك (جربة) مركزا له وبدأ بممارسة الجهاد في المياه المغربية . وأخذ عروج يتعرض للسفن الفرنجية ويتغلب عليها وشاعت بطولته وانتشر اسمه في سواحل شمال إفريقية وحصل على سمعة طيبة لنقله بين سنتي1510 - 1504 م عددا كبيرا من الأندلسيين إلى شمال إفريقية ثم استلم خير الدين القيادة بعد وفاته وبالنسب لأصلهم من الأتراك المسلمين ووالدهما أيضاً يعقوب بن يوسف من بقايا الفاتحين المسلمين الأتراك للأندلس الذين استقروا في جزيرة مدللي إحدى جزر الأرخبيل . وأمهم سيدة مسلمة أندلسية كان لها الأثر على أولادها في تحويل نشاطهم شطر بلاد الأندلس التي كانت تئن في ذلك الوقت من بطش الأسبان والبرتغاليين.

والواقع يؤكد أن كل ما ذكر عن الدور الذي لعباه الأخوان يؤكد حرصهما على الجهاد في سبيل الله ومقاومة أطماع أسبانيا والبرتغال في الممالك الإسلامية في شمالي أفريقيا ، لقد أبدع الأخوان خير الدين برباروس وأخيه عروج في الجهاد البحري ضد الفرنجة وأصبح لحركة الجهاد البحري في القرن السادس عشر مراكز مهمة في شرشال ووهران والجزائر ودلي وبجاية وغيرها في أعقاب طرد العرب المسلمين من الأندلس ، وقد قويت بفعل انضمام المسلمين الفارين من الأندلس والعارفين بالملاحة وفنونها والمدربين على صناعة السفن. وقد أطلق  الأوربيون اسم القرصنة على كل هذه العمليات التي أصبحت معروفة ومنتشرة في البحر المتوسط مازجين في ذلك كل العمليات التي كانت ذات بنية عسكرية جهادية والعمليات الأخرى وهي عمليات السلب والنهب وهي التي مارسها أوربيون وغير أوربيين كذلك مارستها الدول كأسبانية والبرتغال وامتدت حتى البحر العربي والخليج العربي أيضا وهذا ما دفع العثمانيين لتسريع التوجه إلى هذه المناطق الإسلامية للدفاع عنها ضد الطامعين الجدد وحماية السواحل الإسلامية لكن التحول الذي جرى في العمليات العسكرية في البحر المتوسط ضد الأسبان والبرتغاليين كان نتيجة  لدور الأخوين ومن خلال تنظيم هذه العمليات وقيادتها حيث استطاعا تجميع القوات الإسلامية في الجزائر وتوجيها نحو الهدف المشترك لصد أعداء العرب والإسلام عن التوسع في موانئ ومدن الشمال الأفريقي . وقد اعتمدت هذه القوة الإسلامية الجديدة في جهادها أسلوب الكر و الفر في البحر بسبب عدم قدرتها في الدخول في حرب نظامية ضد القوى المسيحية من الأسبان والبرتغاليين وفرسان القديس يوحنا ، وقد حقق هؤلاء المجاهدين نجاحاً أثار قلق القوى المعادية ، ثم رأى الأخوان بنظرهم الثاقب أن يدخلوا تحت سيادة الدولة العثمانية لتوحيد جهود العرب والمسلمين ضد الفرنجة الحاقدين. يؤكد المؤرخون اتجاه الأخوان عروج وخير الدين إلى الجهاد البحري منذ الصغر ، حيث كان نشاطهما في البداية موجه إلى بحر الأرخبيل المحيط بمسقط رأسهما حوالي سنة 1510م ، لكن ضراوة الصراع بين القوى الإفرنجية في بلاد الأندلس وفي شمالي أفريقيا وبين المسلمين هناك ، والذي اشتد ضراوة في مطلع القرن السادس عشر ، قد استقطب الأخوين لينقلا نشاطهما إلى مناطق أخرى وهي سواحل المغرب العربي الشمالية وبخاصة بعد أن تمكن الأسبان والبرتغاليون من الاستيلاء على العديد من هذه المراكز والموانئ البحرية في شمالي أفريقيا . وقد حقق الأخوان العديد من الانتصارات على القراصنة المسيحيين الأمر الذي أثار إعجاب القوى الإسلامية الضعيفة في هذه المناطق ، لذلك نرى أن السلطان "الحفصي" محمد الحسن منح لهم حق الاستقرار في جزيرة جربة التونسية لكن الأسبان لم يرق لهم ذلك فقاموا بهجموم أسباني متواصل اضطر السلطان لقبول الحماية الأسبانية بالضغط والقوة ، وما يلفت النظر استنجاد أهالي هذه البلاد بهما ضد الأسبان ، وهو دليل على حب أهل البلاد لهم وثقتهم بهم من خلال الأثر الذي تركته أعمالهم الجهادية ، مما أسهم في وجود قاعدة شعبية لهما مكنتهما من حكم الجزائر وبعض المناطق المجاورة. ويرى بعض المؤرخين أن دخول "عروج" وأخيه الجزائر . يعود للتحالف بين الجانبين سنة 1514م أعقاب فتح عروج وخير لميناء "جيجل" حيث أرسل الأخوان إلى السلطان سليم الأول مجموعة من النفائس التي استوليا عليها بعد فتح المدينة ، فقبلها السلطان ورد لهما الهدية بإرسال أربع عشر سفينة حربية مجهزة بالعتاد والجنود ، وكان هذا الرد من السلطان العثماني يعكس رغبته في استمرار نشاط دور الأخوين ودعمه لهم .

استنجاد أهل الجزائر بالسلطان العثماني

لقد قام الأستاذ الدكتور عبد الجليل التميمي بترجمة وثيقة تركية محفوظة في دار المحفوظات التاريخية باستنبول

– طوب قابي سيراىتحت رقم 4656 ، وهذه الوثيقة عبارة عن رسالة موجهة من سكان بلدة الجزائر على اختلاف مستوياتهم ومؤرخة في أوائل شهر ذي القعدة عام 925م ، في الفترة من 26 من شهر أكتوبر تشرين الأول إلى 3 من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1519م ، وكتبت بأمر من خير الدين إلى السلطان سليم بعد عودته من مصر والشام إلى استانبول ، وكان الغرض من تلك الرسالة ربط الجزائر بالدولة العثمانية ، وجاء في الرسالة أن خير الدين كان شديد الرغبة في أن يذهب بنفسه إلى استانبول ليعرض على السلطان سليم الأول شخصياً أبعاد قضية الجزائر ، ولكن زعماء مدينة الجزائر توسلوا إليه أن يبقى فيها كي يستطيع مواجهة الأعداء إذا تحركوا ، وطلبوا منه أن يرسل سفارة تقوم بالنيابة عنه ، سارع السلطان سليم إلى منح رتبة بكلر بك إلى خير الدين بربروس وأصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة في إقليمه ممثلاً للسلطان وبذلك أصبحت الجزائر تحت حكم الدولة العثمانية وأصبح أي اعتداء خارجي على أراضيها يعتبر اعتداء على الدولة العثمانية ، لقد استجاب السلطان العثماني سليم لنداء الجهاد من أخوة الدين ، وشرعت الدولة العثمانية في إنشاء أسطول ثابت لهم في شواطئ شمال أفريقيا والذي ارتبط منذ البداية باسم الأخوين عروج وخير الدين بربروسة وكانت على خير العمل على جبهتين خارجية ضد الغاوين الأوروبيين وداخلية بغية توحيد المغرب . لقد نجح خير الدين في وضع دعامات قوية لدولة فتية في الجزائر وكانت المساعدات العثمانية تصله باستمرار من السلطان سليمان القانوني واستطاع خير الدين أن يوجه ضرباته القوية للسواحل الأسبانية وكانت جهوده مثمرة في إنقاذ آلاف المسلمين من أسبانيا ، فقد قام عام 936هـ/1529م بتوجيه ست وثلاثون سفينة خلال سبع رحلات إلى السواحل الأسبانية في الحوض الغربي للبحر المتوسط . وكانت أسبانيا يتزعمها شارل الخامس إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة والتي كانت تضم وقتذاك أسبانيا وبلجيكا وهولندا وألمانيا والنمسا وإيطاليا وكانت الدولة الرومانية المقدسة تدافع عن أوربا المسيحية الخطر العثماني نحو شرق ووسط أوربا ، لذا يمكن القول بأن الصراع بين شارل الخامس وبين ببليربكية والجزائر كان بمثابة فتح جبهة حربية جديدة ضد الدولة العثمانية في الشمال الإفريقي ، لذلك لم يكتف شارل بالهجوم المفاجئ على سواحل الجزائر ، بل أرسل مبعوثاً للتجسس في شمال أفريقيا سنة 940 هـ 1533 م وهو الضابط (أوشوا دوسلا) الذي طاف بأنحاء تونس ، وهناك وجد استعداد الحفصيين للتعاون مع شارل الخامس ، وحذر من امتداد النفوذ العثماني على تونس ، وذكر أن هذا الاستيلاء سيسهل على العثمانيين السيطرة على أفريقيا ، ثم يتجهون بعد ذلك لاسترداد الأندلس ، وهذا ما يخشاه العالم المسيحي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق