الثلاثاء، 23 يونيو 2020

حين نسمع صوت العقل فننشد الحق ونصد وجوهنا عن الباطل

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين نسمع صوت العقل فننشد الحق ونصد وجوهنا عن الباطل

هل تعرفون عبد الله بن الزِبَعرى؟ ومن السيرة النبوية الشريفة نتعلم

هناك من هو كأبي جهل والوليد بن المغيرة عرفا الحق ، وكانا يعلمان أن القرآن كلام الله . حتى نزل القرآن في أحدهما قال الله تعالى عن الوليد : {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} أَيْ: مَشَقَّةً مِنَ الْعَذَابِ. وعلل السبب بـ {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} أَيْ: إِنَّمَا أَرْهَقْنَاهُ صُعُودًا، أَيْ: قَرَّبْنَاهُ مِنَ الْعَذَابِ الشَّاقِّ؛ لِبُعْدِهِ عَنِ الْإِيمَانِ، لِأَنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، أَيْ: تَرَوَّى مَاذَا يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ حِينَ سُئل عَنِ الْقُرْآنِ، فَفَكَّرَ مَاذَا يَخْتَلِقُ مِنَ الْمَقَالِ، {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ أَيْ: هَذَا سِحْرٌ يَنْقُلُهُ مُحَمَّدٌ عَنْ غَيْرِهِ عَمَّنْ قَبْلَهُ.

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى شاعر قريش ، جند قسطا هام من حياته يهجو فيها المسلمين حيث لم يترك مناسبة بين قريش والمسلمين إلا قال فيها شعراً ومن ذلك قوله في غزوة أحد وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ بَعْدُ:

يَا غُرَابَ الْبَيْنِ أَسْمَعْتَ فَقُلْ * إِنَّمَا تَنْطِقُ شَيْئًا قَدْ فُعِلْ

إِنَّ لِلْخَيْرِ وَلِلشَّرِّ مَدًى * وَكِلَا ذَلِكَ وَجْهٌ وَقَبَلْ

وَالْعَطِيَّاتُ خِسَاسٌ بَيْنَهُمْ * وَسَوَاءٌ قَبْرُ مُثْرٍ ومقل

كُلُّ عَيْشٍ وَنَعِيمٍ زَائِلٌ * وَبَنَاتُ الدَّهْرِ يَلْعَبْنَ بكل

أبلغا حَسَّانَ عَنِّي آيَةً * فَقَرِيضُ الشِّعْرِ يَشْفِي ذَا الْغُلَلْ

كَمْ تَرَى بِالْجَرِّ مِنْ جُمْجُمَةٍ * وَأَكُفٍّ قَدْ أُتِرَّتْ وَرَجَلْ

وَسَرَابِيلَ حِسَانٍ سُرِيَتْ * عَنْ كُمَاةٍ أُهْلِكُوا فِي الْمُنْتَزَلْ

كَمْ قَتَلْنَا مِنْ كَرِيمٍ سَيِّدٍ * مَاجِدِ الْجَدَّيْنِ مِقْدَامٍ بَطَلْ

فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

ذَهَبَتْ بِابْنِ الزِّبَعْرَى وَقْعَةٌ * كَانَ مِنَّا الْفَضْلُ فِيهَا لَوْ عَدَلْ

وَلَقَدْ نِلْتُمْ وَنِلْنَا مِنْكُمُ * وَكَذَاكَ الْحَرْبُ أَحْيَانًا دُول ن

نَضَعُ الْأَسْيَافَ فِي أَكْتَافِكُمْ * حَيْثُ نَهْوَى عِلَلًا بَعْدَ نَهَلْ

نُخْرِجُ الْأَصْبَحَ مِنْ أَسْتَاهِكُمْ * كَسُلَاحِ النِّيب يَأْكُلْنَ الْعَصَلْ

إِذْ تُوَلُّونَ عَلَى أَعْقَابِكُمْ * هَرَبًا فِي الشِّعْبِ أَشْبَاهَ الرِسَل

وتفتح مكة ويهرب عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى إلى نجران خوفا من رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ: رَمَى حَسَّانُ بْنُ الزِّبَعْرَى وَهُوَ بِنَجْرَانَ بِبَيْتِ وَاحِدٍ مَا زَادَهُ عَلَيْهِ:

لَا تعد من رجلا أخلّك بُغْضُهُ ... نَجْرَانَ فِي عَيْشٍ أَحَذَّ لَئِيمِ

أعاده هذا البيت للحق ، فجاء عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى مسلما معتذرا لرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يَا رَسُولَ الْمَلِيكِ إنَّ لِسَانِي ... رَاتِقٌ مَا فَتَقْتُ إِذْ أَنا بور

إذْ أُبَارِي الشَّيْطَانَ فِي سُنَنِ الْغَيِّ ... وَمَنْ مَالَ مَيْلَهُ مَثْبُورُ

آمَنَ اللَّحْمُ وَالْعِظَامُ لِرَبِّي ... ثُمَّ قَلْبِي الشَّهِيدُ أَنْتَ النَّذِيرُ

إنَّنِي عَنْكَ زَاجِرٌ ثَمَّ حَيَّا ... مِنْ لُؤَيٍّ وَكُلُّهُمْ مَغْرُورُ

أين هم من ادعى العقل وأظهر الحب لوطنه وبلده ؟ ليؤوب للحق

هناك من فكر وقدر فكان كأبي جهل والوليد ؟ فدمر وخرّب

قاتل الله من كان سببا في هذا البلاء الذي نحن فيه .

ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــ

سيرة ابن هشام (2/ 418)

تفسير ابن كثير (8/ 266)

البداية والنهاية (4/ 353)

 

عبد الله بن الزبعرى ? توفي - 15 هـ / ? - 636 م

شاعر قريش في الجاهلية، وكان شديداً على المسلمين إلى أن فتحت مكة، فهرب إلى نجران، فقال حسان فيه أبياتاً، فلما بلغته عاد إلى مكة فأسلم واعتذر ومدح النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر له بحلة.

وقد سجل في شعره حادثة الفيل وحرمة مكة ومنعتها وتحدث عن حرب الفجار وبلاء بني المغيرة فيها،

ومن الأحداث التي أثرت في نفسه وسجلها في شعره أن أناساً من قصي دخلوا دار الندوة لبعض أمره فأراد عبد الله أن يدخل معهم فيسمع مشورتهم فمنعوه فكتب شعراً في باب الندوة.

فلما أصبح الناس وقرؤوا شعره أنكروه و قالوا  (ما قالها إلا ابن الزبعرى) فضربوه وحلقوا شعره وربطوه إلى صخرة بالحجون حتى أطلقه بنو عبد مناف.

 

أخَلَّكَ  : يُقالُ: ما أخَلَّكَ إلى هذا، أي: ما أحْوجَكَ

المثبور : الهالك


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق