صَبِيحَةٌ
مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي
أَخَوَاتِي
مساوئ
الندامة وحكاية الكُسَعِيُ
في
المعرة عندنا يقولون : غضبت عليك قطعت راسك . رضيت عليك منوين بقى بدي جبلك راس
ومن
حكايا السلف نتعلم
ندامة
الكُسَعِيُ، فإنه رجل رمى فأصاب، فظن أنه أخطأ فكسر قوسه، فلما علم ندم على كسر
قوسه. فضرب به المثل.
ومن
حديث الكسعي أنه خرج يرعى أبله في واد فيه حمض وشوحط. فرأى قضيب شوحط نابتا في
صخرة صماء ملساء. فقال: نعم منبت العود. في قرار الجلمود. ثم أخذ سقاءه فصب ما كان
فيه من ماء في أصله فشربه لشدة ظمائه وجعل يتعاهده بالماء سنة حتى سبط العود وبسق
واعتدل. فقطعه وجعل يقوه ويقوم أوده حتى صلح. فبراه قوسا وهو يرتجز ويقول:
ادعوك
فاسمع يا إلهي جرسي ... يا رب شددني لنحت قوسي
وأنفع
بقوسي ولدي وعرسي ... فإنها من لذتي لنفسي
ثم
برى بقيته خمسة أسهم وهو يرتجز ويقول:
هن
لعمري خمسة حسان ... يلذ للرمي بها البنان
ثم
أخذ قوسه وأسهمه وخرج إلى مكمن كان مورد الحمر في الوادي. فوارى شخصه حتى إذا وردت رمى عيرا منها بسهم. فمرق منه بعد أن أنفذه
وضرب صخرة فقدح منها نار. فظن أنه قد أخطأ فقال:
أعوذ بالله العزيز الرحمان ... من نكد الجد معا والحرمان
فاخلف اليوم رجاء الصبيان ثم وردت حمر أخرى فرمى عيرا فصنع سهمه
كالأول فظنه أخطأ فقال:
أعوذ بالرحمان من شر القدر ... أأخطأ الهم لارهاف الوتر
أم ذاك من سوء احتيال ونظر ... وأنني عهدي لرام ذو ظفر
ثم وردت حمر أخرى فرمى عيرا بسهم. ففعل سهمه كالأول فظنه أخطأ
فقال:
يا حسرتا للشؤم والجد النكد ... قد شفني القوت لأهلي والوالد
ثم وردت حمر أخرى فصنع كالأولى فقال:
ما بال سهمي يظهر الحباحبا ... وكنت أرجو أن يكون صائبا
إذ أمكن العير وأبدي جانبا ... وصار ظني فيه ظنا كاذبا
وخفت أن أرجع يومي خائبا إذ أفلتت أربعة ذواهبا
ثم وردت أخرى فصنع كالأول فقال:
أبعد خمس قد حفظت عدها ... أحمل قوسي وأريد ردها
أخزى الإله لينها وشدها ... والله لا تسلم عندي بعدها
ثم خرج من مكمنه فاعترضته صخرة فضرب بالقوس عليها حتى كسرها. ثم
قال: أبيت ليلتي ثم آتي أهلي. فبات فلما أصبح رأى خمسة حمر مصرعة ورأى أسهمه مضرجة
بالدم. فندم على ما صنع وعض على أنامله حتى قطعها وقال:
ندمت ندامة لو أن نفسي ... تطاوعني إذا لقتلت نفسي
تبين لي سفاه الرأي مني ... لعمر الله حين كسرت قوسي
ترى ألم يتعري الندم من كان سببا في بلائنا ؟
أم أنهم فاقدي الحس تجاه أهلهم ووطنهم
ــــــــ
العقد
الفريد للمبرد (3/ 13) الكامل في اللغة والأدب (1/ 103) مجمع الأمثال للميداني (1/
216)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق