الخميس، 1 أبريل 2021

الحسب والنسب

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الحسب والنسب

وفي المعرة عندنا يقولون : ابن أو بنت حسب ونسب . للمدح والثناء . ويقولون : ابن زنى ، وبنت زنى . للذم وليس المقصود هنا نسب الخطيئة للأب أو الأم بل نفي الحسب والنسب عمّن ساء فعله . وفي المعرة يقولون : يا أسافة يكون أبوه فلان .

فالحسب هو ما ينشئه المرء لنفسه من المآثر . والنسب ما يرثه المرء عن آبائه من الشرف . واطلاق الصفتين معاً على من لا شيء يؤثر عنه هو بمثابة إطلاق الكرم على البخيل والشجاعة على الجبان . وهناك من لا حسب ولا نسب يضاف إليه . وهؤلاء يعدون الحثالة ، وقد تضيق لكثرتهم الأسواق حتى أنهم يتبرؤون من تلك الحالة . ومن الناس من يخلق لنفسه حسبا ثم نسباً فعنترة العبسي كان ذا حسب في فعاله التي أجبرت والده على منحه النسب الشريف . والقضية إنسانية وقديمة قدم التاريخ وفي المثل: ربّ حسب دفنه الفقر.

انَّ آثارنا تدلُّ علينا .. فانظروا بعدَنا الى الآثارِ

وَيُحْكَى أَنَّ نُوحَ بْنَ مَرْيَمَ قَاضِيَ مَرْوَ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ، فَشَاوَرَ جَارًا لَهُ مَجُوسِيًّا، فَقَالَ: النَّاسُ يَسْتَفْتُونَك وَأَنْتَ تَسْتَفْتِينِي، قَالَ لَا بُدَّ أَنْ تُشِيرَ عَلَيَّ. فَقَالَ إنَّ رَئِيسَنَا كِسْرَى كَانَ يَخْتَارُ الْمَالَ، وَرَئِيسَ النَّصَارَى قَيْصَرَ كَانَ يَخْتَارُ الْجَمَالَ، وَجَاهِلِيَّةَ الْعَرَبِ كَانَتْ تَخْتَارُ الْحَسَبَ وَالنَّسَبَ، وَرَئِيسَكُمْ مُحَمَّدًا كَانَ يَخْتَارُ الدِّينَ، فَانْظُرْ أَنْتَ بِأَيِّهِمْ تَقْتَدِي. ورحم الله عبد الله بن مخارق حيث قال :

عليكَ بكلِّ ذي حَسَبٍ ودينٍ ... فإِنهم همُ أهلُ الوفاءِ

وإِن خُيِّرْتَ بينهم فألصقْ ... بأهلِ العقلِ منه والحياءِ

عَنِ الحَسَنِ بن سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحَسَبُ المَالُ، والكَرَمُ التَّقْوَى".

و(الحسب): ما يفتخِرُ به الرجل، وما به عزتُه من خصالٍ حميدةٍ توجَدُ فيه، أو في آبائه، و (الكرم): ضد اللُّؤمِ ؛ يعني: الشيءُ الذي يكون الرجلُ به عظيمَ القَدْر عند الناس هو المالُ، والشيءُ الذي يكونُ الشخصُ به عظيمَ القَدْر عند الله هو التقوى.

إذا سَلِمتْ هامُ الرجالِ من الردى ... فما المالُ إلا مثل قصِ الأظافرِ

فكن مثل ظن الناس فيك مقابلاً ... لذا الخطب بالصبر الجميل المصادرِ

وعَنْ أُبَيِّ بن كَعْبٍ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ تَعَزَّى بِعَزاءِ الجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوْهُ بِهَنِ أَبيْهِ ولا تَكْنُوا . فأعِضُّوه"؛ أي: قولوا له: اعضضْ بهنِ أبيك، (العَضُّ): أي تذكر ، قبائح آبائك من عبادةِ الصَّنَم والزِّنا وشربِ الخمر وغيرها من القبائح. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «.. وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»

واليوم هناك من يتبرأ من أصله من عروبته ، ليبقى دون نسب والعروبة هي منه براء . أما الحسب فمدُ يد العون لأعداء وطنه وأهله .

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

 ـــــــــــــــ

سنن الدارمي (1/ 363)

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب - السفاريني (2/ 425)

روضة العقلاء ونزهة الفضلاء – البستي (ص: 93)

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء – الراغب الأصفهاني(1/ 586)

المفاتيح في شرح المصابيح – المظهري (5/ 198)

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق