الخميس، 10 سبتمبر 2020

كلمة حق في وجه باطل والشيخ العالم محمد شاكر رحمه الله

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

كلمة حق في وجه باطل والشيخ العالم محمد شاكر رحمه الله

قصة يرويها آخر أعيان المحدثين في الديار المصرية، وشيخ الأشبال أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى وطيب ثراه،

يقول الأستاذ أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى وهو يخاطب أحد الأدباء الذين وصفوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكلمتين نابيتين، والقصة في كتابه (كلمة الحق) . عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ، أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ، أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ»

كان السلطان فؤاد يصلي الجمعة في العابدين، فاستحضروا الشيخ محمد المهدي خطيب مسجد عبدان؛ لأنه كان خطيباً مفوهاً، وكان السلطان يحب أن يصلي وراءه دائماً، ودعته الأوقاف ونقلته إلى مسجد آخر حتى يخطب الجمعة، وصادف في هذه الفترة أن طه حسين عميد الأدب العربي، أتى بالدكتوراه في اللغة العربية من فرنسا، وكان قد فشل في أن يأخذها في بلاد العرب فأخذها في بلاد الأعاجم. فأراد الخطيب محمد المهدي أن يثني على الملك فؤاد بمناسبة أنه قادم يصلي الجمعة، فقال يمتدح الملك فؤاد: ما عبس وما تولى لما جاءه الأعمى. والأعمى: هو طه حسين، أي ما عبس فيه ولا تولى، بل هش له وبش، وأرسله إلى فرنسا يحضر الدكتوراه. وبعد أن صلوا الجمعة قام الشيخ محمد شاكر والدي ، وكان وكيل الجامع الأزهر- فوقف وقال: أيها الناس! صلاتكم باطلة والخطيب كافر، فأعيدوا الصلاة؛ فحدث هرج ومرج والسلطان واقف، وهو يقول: أيها الناس! صلاتكم باطلة وخطيبكم كافر. ورفع إلى السلطان الفتوى يأمره بصلاة الظهر، وكان هذا الرجل - محمد المهدي - له ظهر وله مستشارون، فأقنعوه أن يرفع شكوى ضد الشيخ محمد شاكر. والشيخ محمد شاكر الذي أفتى بهذا لأن في قول الخطيب تعريض بمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أي: أن الملك فؤاد صنع أفضل مما صنع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لما جاء ابن أم مكتوم عبس وتولى، ولما جاء طه حسين إلى الملك فؤاد ما عبس ولا تولى، قال: هذا تعريض في مقام النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز وإن كان الخطيب يعتقد ذلك فهو كافر. وأرسل الشيخ محمد شاكر إلى مستشرقين أجانب ممن لهم خبرة بدلالات الألفاظ على المعاني، وأراد أن يستقدمهم ليقول لهم: هل استخدام الخطيب لهذه العبارة فيها تعريض بالمقام النبوي أم لا؟ ولم يرجع لشيخ من شيوخ الأزهر حتى لا يقال: انحازوا له. أما الخطيب محمد المهدي فقد أذله الله، قال الشيخ أحمد شاكر: وأقسم بالله لقد رأيت هذا بعينيّ، طال الزمان بالرجل محمد المهدي -والذي كان من أشهر خطباء مصر، حتى إن الملك فؤاد كان يحرص على الصلاة عنده- فلقد رأيته خانعاً ذليلاً فراشاً لأحد المساجد يتلقى نعال المصلين، فتواريت عنه وهو يعرفني وأنا أعرفه؛ حتى لا يراني، فلست مشفقاً عليه فلم يكن يوماً موضعاً للشفقة.

وما أحوجنا نحن اليوم لمن يقول الحق . لا يبتغي بذلك إلا وجه الله . موجهة لكل الذين كانوا سبباً في خراب الوطن وتشريد أهله . ليقال لهم : كفاكم عبثاً . إن الله مطلع عليكم . 

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــــــــــــــــــ

مسند الإمام أحمد (18/ 54)

كلمة حق - أحمد محمد شاكر – ص 148

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق