الأحد، 20 سبتمبر 2020

احشر نفسك فيما لا يعنيك وتحمّل النتيجة ومن أحمق أيام الخليفة المأمون نتعلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

احشر نفسك فيما لا يعنيك وتحمّل النتيجة

ومن أحمق أيام الخليفة المأمون نتعلم

قالوا : العاقل من عدّ كلامه من عمله فإن فعل قلّ كلامه إلّا فيما لا يعنيه.

والرائج في هذه الأيام كثرة من تجدهم في أي مكان يتعرضون لأي حدث . يتظاهرون بالجرأة والإقدام . ولا جرأة ولا إقدام بل تهور ناتج عن حمق لا أكثر .حلول جاهزة لأي أمر كان في دائرة قدرتهم أم لم يكن .

كلمة لا أعلم ليس لها في قاموس معرفتهم وجود

متبرؤون من مقولة : لا أستطيع

حياتهم حشر أنفسهم فيما لا يعنيهم . ويروى عن لقمان الحكيم أنه سئل: أي عملك أوثق في نفسك؟ فقال: تركي ما لا يعنيني . وَقَالَ أَبُو هِلَال العَسْكَرِي رَحمَه الله وَلَا أعرف شَيْئا أَشد على الأحمق من تَركه مَالا يعنيه واشتغاله بِمَا يعنيه على أَن فِيمَا يَعْنِي شغلاً عَمَّا لَا يَعْنِي .

هؤلاء من أسرار البلاء الذي نحن فيه . أقل الله من عددهم وبرأنا الله من أن نضع أنفسنا مكانا لا نصلح له . وقاتل الله من يحشر نفسه فيما ما لا يعنيه . براءتنا منهم براءة فالج بن خلاوة وهو رجل من أشجع، وكان فالج هذا قيل له يوم الرقم وهو يوم من أيام العرب قتل أنيس أسرى كانوا لديه : فقيل لفالج : انتصر أنيساً؟ فقال: إني منه بريء، فذهبت مثلاً لكل خلي من أمر فتبرئ منه يقال: أنا منه فالج بن خلاوة أي أنا منه بريء بمنزلة ذلك الرجل.

أمر المأمون أن يحمل إليه من أهل البصرة عشرة كانوا قد رموا بالزندقة عنده فحملوا، فبينما أحد الطفيليين يرتاد إذ رآهم مجتمعين يمضي بهم إلى الساحل للمسير إلى بغداد، فقال: ما اجتمع هؤلاء إلا لوليمة، فانسل معهم ودخل في جملتهم، ومضى بهم الموكلون إلى البحر، فأطلعوهم في زورق قد أعد لهم، فقال الطفيلي: لا شك إنها نزهة فصعد معهم في الزورق، فلم يكن بأسرع من ان قيد القوم وقيد الطفيلي معهم، فعلم أنه قد وقع في ورطة، ورام الخلاص فلم يقدر، ثم دفع الملاح وساروا إلى أن وصلوا بغداد، وحملوا حتى أدخلوا على المأمون، فأمر بضرب أعناقهم، فاستدعوا بأسمائهم رجلاً رجلاً، فكل من دعا سأله وأمر بضرب عنقه، حتى لم إلا الطفيلي، وفرغت العدة، فقال المأمون للموكلين بهم: ما هذا؟ قالوا: والله، ما ندري يا أمير المؤمنين، غير أنا وجدناه مع القوم فجئنا به فقال المأمون ما قضيتك ويلك؟ فقال يا أمير المؤمنين امرأته طالق إن كان يعرف من أقوالهم شيئاً، ولا يعرف غير لا إله إلا الله محمد رسول الله وأنا إنما رأيتهم مجتمعين فظننت أنهم يدعون إلى وليمة أو دعوة فالتحقت بهم، فضحك المأمون ثم قال: بلغ من شؤم التطفل أن أحل صاحبه هذا المحل، لقد سلم هذا الجاهل من الموت، ولكن يؤدب حتى يتوب.

ونحن بريؤون من جهلة متطفلين أعقب جهلهم وتطفلهم تدمير الوطن وتشريد الأهل

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــ

الأمثال لابن سلام (ص: 212)

الرسائل الأدبية (ص: 104)

جمهرة الأمثال (1/ 354)

المستجاد من فعلات الأجواد - التنوخي(ص: 15)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق