الثلاثاء، 29 سبتمبر 2020

ما وراءك يا عِصامُ

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ما وراءك يا عِصامُ

وأقصد بـ عِصامُ امرأة من كندة يقال لها عصام ذات عقل ولسانٍ وأدبٍ. والمقولة مثل عربي يضرب لاستجلاء الخبر . والمعول هنا على ناقل أمين صادق غير كاذب أو مراوغ . وعصام في معناه مَنْ شرُف بنفسه لا بآبائه، أو مَنْ بنَى نفسَه بكدِّه وكفاحه واجتهاده . وقالوا : كن عصاميًّا ولا تكن عِظاميًّا أي شْرُفْ من نفسك ، ولا تستمطر ذلك من آبائك وقد صاروا عظامًا". وليتنا كنا كعصام في صدقها وأمانتها .

واليوم إن رغبنا في استجلاء ما يحدث لنا لن نجد عصاما بل حمقى كذّابون تسلقوا على أكتاف البلاء والبلاء كان الغنيمة التي منحتهم فرصة الظهور فلا أصل يتكل عليه ولا أدب يتحلون به . يحكى أَن الْحجَّاج ذكر عِنْده رجل بِالْجَهْلِ فَأَرَادَ اختباره فَقَالَ لَهُ أعظامي أم عصامي أَرَادَ أشرفت بآبائك الَّذين صَارُوا عظاما أم بِنَفْسِك فَقَالَ الرجل أَنا عظامي عصامي فَقَالَ الْحجَّاج هَذَا أفضل النَّاس فَقضى حَوَائِجه وَمكث عِنْده ثمَّ فتشه فَوَجَدَهُ من أَجْهَل النَّاس فَقَالَ لَهُ تصدقني أَو لأَقْتُلَنك كَيفَ أجبتني بِمَا أجبْت حِين سَأَلتك عَمَّا سَأَلت قَالَ لم أعلم أعظامي خير أم عصامي فَخَشِيت أَن اقول أَحدهمَا فأخطىء فَقلت أَقُول كليهمَا فان ضرني أَحدهمَا نفعنى الآخر فَقَالَ الْحجَّاج عِنْد ذَلِك الْمَقَادِير تصير العى خَطِيبًا يضْرب في شرف الرجل بِنَفسِهِ لَا بآبائه .أما عصام التي كانت سر ضرب المثل فقد ذكروا أن عَوانة بن الحكم الحارث بن عمر ملك كندة. بلغه جمال بنت عوف بن مُحلَّم وكمالها وشِدة عقلها، فكلف عصام باستجلاء خبرها .وقال : اذهبي حتى تعلمي لي علمها. فمضت حتى انتهت إلى أمها، وهي أمامةُ بنت الحارث، فأعلمتها بما قدمت له. فأرسلت إلى ابنتها: أي بُنية! هذه خالتك أتتك لتنظر إليك، فلا تستتري عنها بشيءٍ إن أرادت النظر من وجهٍ أو خُلُق. فدخلت إليها فنظرت إلى ما لم يُرَ مثله قط. فخرجت من عندها وهي تقول: ترك الخداع من كَشَفَ القناع. فأرسلتها مثلاً. ثم انطلقت إلى عوانة فأخبرته بخبرها فتزوجها .

ونبحث اليوم عن عصام فلا نجد وعصام لفظ يطلق على النساء والرجال .

أما إن بحثت عن مخادعون فالأمر سهل هين ميسور

أن يكون الخداع متعلق بشخصين يمكن القول أن أذاه محدود يمكن درؤه

أما أن يكون الخداع مرماه تدمير وطن بأهله ، فأمر نّكِلُ من كان سببه إلى خالق الخلق

ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــ

الفاخر – المفضل أبو طالب(ص: 184)

المستقصى في أمثال العرب - للزمخشري(2/ 369)

 

العِصَام: رِبَاط القِرْبة.

وعصام اسْمُ حاجِب النُّعمان بْنِ المُنْذِر، وَهُوَ عِصامُ بْنُ شَهْبَر الجَرْمِيّ

وأعتذر عن ذكر الوصف التي يثير العجب في جملته ، ترى أمثل تلك الفتاة لها وجود ؟ ولمن شاء فليراجع المصدر

 

وصية أمامةُ بنت الحارث وهي أم البنت السابقة الذكر : أي بنيَّة! إن الوصية لو تركت لَفضْلٍ في أدبٍ تركت ذلك منك، ولكنها للغافل ومعونةٌ للعاقل. ولو أن امرأةً استغنت عن الزوج لغني أبَوَيها وشدة حاجتهما إليها كُنتِ أغنى الناس عنه. ولكن للرجال خُلِقنا ولنا خُلِقوا. أي بنيَّة! إنك فارقت الحٍواءَ الذي منه خرجتِ، وخلَّفتِ العُشَّ الذي فيه دَرَجتِ إلى وَكْرٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فأصبح بملكه إياك عليكِ رقيبا ومليكا، فكوني له أمَةً يكُنْ لك عبداً وشيكا. يا بُنيَّة! احملي عني عشر خصال تكن لك ذُخراً وذِكراً: الصُحبة بالقناعة، والمعاشرة بحُسن السمع والطاعة، والتعاهد لموقع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشمُّ منك إلا طيب الريح. .... إلى آخر الوصية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق