الخميس، 10 سبتمبر 2020

الحال من بضعو ومن حال العرب في المغرب ومصر أيام زمان نتعلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

وكيف يغيث المنتوف الملهوف

الحال من بضعو

ومن حال العرب في المغرب ومصر أيام زمان نتعلم

في شوال سنة 744هـ أذار  1344 م ، استولى الإسبان القشتاليون على الجزيرة الخضراء في جنوب الأندلس من أيدي المرينيين سلاطين المغرب، فكتب السلطان أبو الحسن علي بن عثمان المريني رسالة إلى سلطان مصر المملوكي الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن الناصر بن قلاوون يخبره بما جرى، وكأنه يستمده ويستعين به..

فأجابه سلطان مصر بما يلي: أما ما وصفتموه من أمر الجزيرة الخضراء وما لاقاه أهلها، ومني به من الكفار حزنها وسهلها، فإنه شق علينا سماعه ـ الذي أنكى أهل الإيمان، وعدد به ذنوب الزمان كل قلب بأنامل الخفقان... ولطالما فزتم بالظفر، ورزقتم النصر على عدوكم فجر ذيل الهزيمة وفر، ولكن الحروب سجال، ولكل زمان دولة ورجال. ولو أمكنت المساعدة لطارت بنا إليكم عقبان الجياد المسومة، وسالت على عدوكم أباطحهم بقسينا المعوجة وسهامنا المقومة، وكحلنا عيون النجوم بمراود الرماح، وجعلنا ليل العجاج ممزقاً ببروق الصفاح، واتخذنا رؤوسهم لصوالج القوائم كرات، وفرجنا مضائق الحرب بتوالي الكرّات، وعطفنا إليهم الأعنة، وخضنا جداول السيوف ودسنا شوك الأسنة، وفلّقنا الصخرات بالصرخات، وأسلنا العبرات بالرعبات، ولكن أين الغاية من هذا المدى المتطاول، وأين الثريا من يد المتناول؟ فما لنا غير إمدادكم بجيوش الدعاء الذي نرفعه نحن ورعايانا، والتوجه الصادق الذي تعرفه ملائكة القبول في سجايانا. والسلام.

صحيح إن عماد الدين المملوكي هذا كان شابا لم يكد يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولم يكتب الجواب بيده، وإنما خطه كاتبه خليل الصفدي.. إلا أن سنه لم تكن ما يمنعه من نصرة المغاربة، بل انشغاله بقتال أخيه السلطان المخلوع شهاب الدين أحمد المعتصم في الكرك آنذاك، ولما كانت الكرك في الأردن أقرب إليه من الأندلس، وكان خوفه من أخيه أشد من خوفه من الإسبان القشتاليين، أرسل إلى سلطان المغرب بما سمعتم.

وقبل ذلك بقرن كامل كانت قرطبة وإشبيلية ـ عاصمتا الأندلس ـ قد وقعتا في يد الإسبان، وشاعت في الأندلس في هذا الوقت أبيات منسوبة للشاعر أبي محمد الفزازي، وقيل إنها وجدت في رقعة في جيبه يوم موته، يقول:
الرُّومُ تَضْرِبُ في البِلاَدِ وَتَغْنَمُ .. .. وَالجُورُ يَأْخُذُ مَا بَقَى وَالمَغْرَمُ
وَالمَـــالُ يـُورَدُ كُـلُّـهُ قِـشْتَـالَــةً .. .. وَالجُــنْدُ تَسْـقُطُ وَالرَّعِيـَّةُ تَسْلَمُ
وَذَوُوا التَعَيـُّنِ لَيْسَ فِيهِم مُسْلِمٌ .. .. إِلاَّ مُعِـــينٌ في الفَسَــادِ مُسَــلِّـمُ
أَسَــفِي عَلَى تِلْكَ البِلاَدِ وَأَهْلِهَا .. .. اللهُ يَلــطُفُ بِالجَمِــيعِ وَيَرْحَــمُ
وقيل إن هذه الأبيات رفعت إلى سلطان بلده فقال ـ بعد أن وقع عليها وقرأها ـ صدق رحمه الله تعالى، ولو كان حيا لضربت عنقه.

ولكل أن يعلم أن يضع حاجته

الكثيرون وضعوا حاجاتهم عند أعدائهم . ترى هل في سَمِّ الأفعى ما يروي الظمأ

من أجل الهوى دمر الوطن وشتت أهله

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أعيان العصر وأعوان النصر - الصفدي(3/ 402)

نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (4/ 467)

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق