الأحد، 20 مارس 2022

الفند الزماني وعمرو بن حجر .وصورة من واقع المرأة العربية في الجاهلية

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الفند الزماني وعمرو بن حجر .وصورة من واقع المرأة العربية في الجاهلية

ربما لم يعرف التاريخ امرأة بلغ من الضَّنَّ بها، والإيثار لها، وبذل المُهج رِخصاً في سبيلها، ما بلغ بالمرأة العربية في تلك الحقب المتطاولة المترامية. لقد كان العرب أصحاب غزو ، وطلاَّب ثارات، وكان الرجل منهم يُقْدِمُ وهو لا يدري أَوقع على الموت أم وقع الموت عليه؛ غير ما خلف وراءه امرأته أو ابنته وما عسى أن يصيبها بعده من حاجة . كذلك كانت المرأة تهتف بالرجل أو تلمُّ به تحت ظلال السيوف، وقد ملَك الروعُ القلوبَ، وعقد الهول الألسنة، وانثغرت الأفواه، وحارت النواظر في المحاجر؛ فيستمد عزماً ؛ ويسترد قوة . ومَثَل ذلك ما فعل ابنتا الفِنْد الزَّمَّاني لمّا كان يوم (التحالق ) أقبل الفند الزّمّانيّ إلى بني شيبان، وهو شيخ كبير قد جاوز مائة سنة، ومعه بنتان له شيطانتان من شياطين الإنس ، فكشفت إحداهما عنها وتجرّدت، وجعلت تصيح ببني شيبان ومن معهم من بني بكر:

وغى وغى وغى وغى  ... حرّ الجواد والتظى

وملئت منه الرّبى  ... يا حبّذا يا حبّذا.

الملحقون  بالضّحى.

ثم تجرّدت الأخرى وأقبلت  تقول:

إن تقبلوا نعانق ... ونفرش النّمارق

أو تدبروا نفارق ... فراق غير وامق

ولحق الفند الزّمّانيّ رجلا من بني تغلب يقال له: مالك بن عوف، قد طعن صبيّا من صبيان بكر بن وائل، فهو في رأس قناته، وهو يقول: يا ويس أمّ الفرخ، فطعنه الفند وهو وراءه ردف له فأنفدهما جميعا، وجعل يقول:

أيا طعنة ما شيخ ... كبير يفن بالي

تفتّيت بها إذ كـ ... ـره الشّكّة أمثالي

والفند الزماني، شهل بن شيبان، شهد حرب البسوس. وكان أحد فرسان ربيعة المشهورين المعدودين، كل ذلك ينبئونا  أن المرأة العربية ينبوع العاطفة للرجل  ووِجدانه، هي حياته وموته، هي ملهمة قريحته، ومطلع قصيدته، ومَشْرِق وحيه، لقد بلغ من خيال العربي من السموّ بالمرأة أن جعل الملائكة أشباهاً لها ونظائر فقال:

هم بنات الله وصَفِيَّاته . . . وتعالى الله عما يقولون علَّوا كبيرا.

وللمرأة العربية مكانة ذات شأن عند زوجها . خطب عمرو بن حجر إلى عوف بن محلم الشيباني ابنته أم أياس، فقال: نعم، أزوجكما، على أن أسمي بنيها وأزوج بناتها. فقال عمرو ابن حجر: اما بنونا فنسميهم بأسمائنا وأسماء آبائنا وعمومتنا، واما بناتنا فننكحهن أكفاءهن من الملوك، ولكني أصدقها عقارا ( ضيعة ) في كندة، وامنحها حاجات قومها، لا تُرد لاحد منهم حاجة! فقبل ذلك منه أبوها، وأنكحه إياها

ويكفي المرأة فخرا قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ؛ قَالا: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ مِنْ سُلَيْمٍ» . الْعَوَاتِكُ: ثَلاثُ نِسْوَةٍ مِنْ سُلَيْمٍ، تُسَمَّى كُلُّ وَاحِدَةٍ عَاتِكَةُ، إِحْدَاهُنَّ عَاتِكَةُ بِنْتُ هِلالِ بْنِ فَالِجِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَالثَّانِيَةُ: عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ بْنِ هِلالِ بْنِ فَالِجِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَهِيَ أُمُّ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَالثَّالِثَةُ: عَاتِكَةُ بِنْتُ الأَوْقَصِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ هِلالِ بْنِ فَالِجِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَهِيَ أُمُّ وَهْبٍ أَبِي آمِنَةَ أُمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

ويا رب فرج سوريا وأهل سوريا

الرسائل الأدبية (ص: 394)

الأغاني (24/ 250)

العقد الفريد (7/ 89)

 

الفند من الجبل وهو القطعة العظيمة وشبه بالفند لعظم حلقه

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق