الأحد، 13 مارس 2022

حين يخاطب القوي الضعيف رسالة هارون الرشيد لنقفور رسالة هولاكو إلى الملك المظفر قظز

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين يخاطب القوي الضعيف

رسالة هارون الرشيد لنقفور

رسالة هولاكو إلى الملك المظفر قظز

كان على الروم امرأة ، وكانت تكتب الى المهدي، والهادي، والرشيد في أول خلافته بالتعظيم والتبجيل، وتدرّ عليهم الهدايا حتى بلغ ابن لها، فصار الملك دونها، وانما تملك الروم المرأة من أهل بيت المملكة إذا لم تجد منهم رجلا، وكذلك فارس تفعل، فلما بلغ ابنها عاث وأفسد، وخاشن الرشيد، فخافت على ملك الروم أن يذهب، وعلى بلادهم أن تعطب، لعلمها بالرشيد، وخوفها من سطوته، فاحتالت على ابنها فسملت عينه، فبطل من الملك، فعاد اليها، فاستنكر ذلك أهل المملكة، وأبغضوها من أجله، فخرج عليها نقفور، وكان كاتبها، فأعانوه وعضدوه، فقام بأمر الملك، وضبط أمر الروم، فلما قوي على أمره، وتمكن من ملكه، كتب الى الرشيد: من نقفور ملك الروم الى هرون ملك العرب، أما بعد: فان هذه المرأة كانت قد وضعتك وأباك وأخاك موضع الشاه، ووضعت نفسها موضع الرخّ، وأنا الشاه وأنت الرخ، وقد عزمت على تطرف بلادك والهجوم على أمصارك، أو تؤدي إليّ ما كانت المرأة تؤديه اليك. وكلاما شبيها بهذا، فلما ورد على الرشيد كتب اليه:

بسم الله الرحمن الرحيم.

من عبد الله هرون، أمير المؤمنين، الى نقفور كلب الروم، أما بعد فقد فهمت كتابك، وجوابك عندي: ما تراه فضلا أن تسمعه.

ثم شخص من شهره يؤم بلاد الروم في جمع لم يسمع بمثله، وقواد لا يجارون رأيا ونجدة، فلما بلغ ذلك نقفور ضاقت عليه الارض بما رحبت، وشاور في أمره، وجاء الرشيد حتى توغل بلاد الروم يقتل ويسبي ويغنم، ويخرب الحصون، ويعفي الآثار حتى صار الى طريق متضايقة دون قسطنطينية، فلما بلغها ألفاها وقد أمر نقفور بالشجر فقطع، ورمي به في تلك الطرق، وأشعلت فيه النيران، فكان ذلك ما تحصن به عند نفسه، فقال الرشيد: ما ترون في هذه النيران؟ فكان أول من تلبس ثياب النفاطين وخاضها محمد بن يزيد بن مزيد الشيباني، ثم اتبعه الناس، فبعث اليه نقفور بالهدايا، وخضع له أكثر الخضوع، وأدى اليه الجزية عن رأسه فضلا عن  أصحابه . ورجع الرشيد عند ما أعطاه نقفور الى الرقة، فلما سقط الثلج، وأمن نقفور أن يغزى، وتمكن بالمهلة من التدبير نقض ما كان بينه وبين الرشيد، ورجع الى حالته الأولى، فلم يجتر يحيى بن خالد، فضلا عن غيره، على اخبار الرشيد بذلك فبذل هو وبنوه للشعراء الأموال على أن يقولوا أشعارا في إعلام الرشيد بغدر نقفور، فكلهم كاع وأشفق إلّا شاعرا من أهل جدة يكنى أبا محمد عبد الله بن يوسف، كان مجيدا جيد النفس، قوي الشعر، فاختصه ذو اليمينين في أيام المأمون، ورفع قدره جدا، فإنه أخذ مائة ألف، وأدخل الى الرشيد فأنشده:

نقض الذي أعطيته نقفور ... فعليه دائرة البوار تدور

فلما أنشده قال الرشيد: أوقد فعل؟ وعلم أن الوزراء احتالوا في ذلك، فغزاه في بقية الثلج، فافتتح هرقلة في ذلك الوقت .

من ملك الملوك شرقًا وغربًا القائد الأعظم: باسمك اللهم، باسط الأرض، ورافع السماء، يعلم الملك المظفر قطز الذي هو من جنس المماليك الذين هربوا من سيوفنا إلى هذا الإقليم، يتنعمون بأنعامه، ويقتلون من كان بسلطانه بعد ذلك، يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته وأهل مملكته بالديار المصرية وما حولها من الأعمال، إنا نحن جند اللَّه في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على مَن حَلَّ به غضبه، فلكم بجميع البلاد معتبر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم وأسلموا لنا أمركم. قبل أن ينكشف الغطاء، فتندموا ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرقّ لمن شكر، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد، وطهرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب، وعلينا الطلب، فأي أرض تؤويكم، وأي طريق تنجيكم، وأي بلاد تحميكم؟! فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون عندنا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع، فإنكم أكلتم الحرام، ولا تعفُّون عند كلام، وخنتم العهود والأيمان، وفشا فيكم العقوق والعصيان، فأبشروا بالمذلة والهوان، فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، فمن طلب حربنا ندم، ومن قصد أماننا سلم، فإن أنتم لشرطنا وأمرنا أطعتم، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خالفتم هلكتم، فلا تهلكوا نفوسكم بأيديكم، فقد حذّر من أنذر. وقد ثبت عندكم أنا نحن الكفرة، وقد ثبت عندنا أنكم الفجرة، وقد سَلَّطَنا عليكم من له الأمور المقدّرة، والأحكام المدبرة، فكبيركم عندنا قليل، وعزيزكم عندنا ذليل، فلا تطيلوا الخطاب، وأسرعوا برد الجواب، قبل أن تضرم الحرب نارها، وترمي نحوكم شرارها، فلا تجدون منا جاهًا ولا عزًا، ولا كافيًا ولا حرزًا، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، فقد أنصفناكم إذ راسلناكم، وأيقظناكم إذ حذرناكم، فما بقي لنا مقصد سواكم، والسلام علينا وعليكم، وعلى من أطاع الهدى، وخشي عواقب الردى، وأطاع الملك الأعلى. ورد المظفر على الرسالة بقتل الرسل ، ثم كانت معركة عين التي أذل بها الله التتار .

ولكن ألم يكن في رسالة هولاكو بعض الحق في حال كان عليه المسلمون في تلك الأيام إلا أن لطف الله بحال الأمة

إغراق وتفكير في مكاسب الدنيا ولهذا تم قتل الملك المظفر بعد المعركة وشارك الظاهر بيبرس في قتله عفى الله عن الجميع

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــــــ

بغية الطلب في تاريخ حلب – ابن العديم (4/ 1773)

السلوك لمعرفة دول الملوك - المقريزي(1/ 514)







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق