الأحد، 6 أكتوبر 2019

إذا ظهرَ الغدرُ سهُل الهجرُ


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
إذا ظهرَ الغدرُ سهُل الهجرُ
والغدر من أسوء ما يتصف به المرء من شيم . وفي حال الغدر يسهل الهجر والهجر هنا علته التأديب ودفع المكروه
وإن شئنا فهو ضربٌ من الانتقام والنَّفس العزيزة لا تعبأ بمن غدر بها ولا تستصلحه بمعاتبةٍ ولا ترصده بمعاقبةٍ بل تخلِّي فكرها عن ذكره وتصون خواطرها عن الخوض في أمره.
ورحم الله القائل :
يا قلبُ قدْ خانَ مَنْ كلفتَ بهِ ... فخلِّ عنكَ البكاءَ في أثرهْ
شغلكَ بالفكرِ في تغيُّرهِ ... أعظمُ ممَّا لقيتَ مِنْ غِيَرهْ
فارحلْ فمن لا يحلُّ موردهُ ... يُفضِ بهِ صفوهُ إلى كدرهْ
وارجعْ إلى اللهِ في الأُمورِ فلنْ ... تقدرَ أن تستجيرَ مِنْ قدرهْ
والعجيب أن أناساً اعتادوا الخذلان ليعموا أبصارهم عن الحال التي وصلوا إليها من الغدر بهم . نسأل الله خير عواقب الأمور ونستكفيه كلَّ مهمٍّ ومحذور.
وقالوا: إن الصديق صديقان: طائع ومضطر وكلاهما يلتمسان المنفعة ويحترسان من المضرة فأما الطائع فيسترسل إليه ويؤمن في جميع الأحوال وأما المضطر ففي بعض الأحوال يسترسل إليه وفي بعضها يتحذر منه. وكلنا يعلم أن المعين على الغدر شريك الغادر، كما أن مزيّن الفجور شريك الفاجر.
قال حمّاد عجرد:
كم من أخ لك لست تنكره ... ما دمت من دنياك في يسر
متصنّع لك في مودّته ... يلقاك بالتّرحيب والبشر
يطرى الوفاء وذا الوفاء ويل ... حى الغدر مجتهدا وذا الغدر
فإذا عدا، والدهر ذو غير، ... دهر عليك عدا مع الدهر
فارفض بإجمال أخوّة من ... يقلي المقلّ ويعشق المثري
وأشد أنواع الغدر أن يلهث المرء وراء فتات الحياة الزائل ، ليطأ بالغدر وطنه وأهله .
ـــــــــــــــــــــــ
المعاني الكبير في أبيات المعاني (2/ 1124)
كليلة ودمنة (ص: 249)
عيون الأخبار (2/ 41)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق