الأربعاء، 16 أكتوبر 2019

ومن حكاية الحارث بن مضاض الجرهمي نتعلم حين يستشري الشر فثق أن له من ينتفع به


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ومن حكاية الحارث بن مضاض الجرهمي نتعلم
حين يستشري الشر فثق أن له من ينتفع به
وزوال الشر مرهون بإطفاء ناره والوقوف أمام أهله . حتى لا تأكل ناره أهل الخير والشر معا
ومن المعلوم أنه من سنن الحياة وجود الشر فلو لم يوجد الشر فلا معنى لوجود الخير ، ولقد قال العلماء : لولا وجود هذا الشر. . لم يكن هناك ضرورة حتى للإيمان. . فالمؤمن يقي نفسه ومجتمعه وعالمه من شرور يأتي بها أهل الشر أو يصطنعونها .
قد يضعضع الشر أركان أسرة وباتساعه يدمر كل شيء حتى يصل الدمار للأهل والوطن
قريش من أشهر قبائل العرب دمرتها الحرب حتى غلب الخير ببعثة النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قالوا: خرج رجل من قريش قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فركب البحر، فانكسرت سفينته، فوقع في جزيرة في أرض لا يرى بها أنيسا، فبينا هو يطوف في تلك الجزيرة إذا هو بشيخ كبير مجتمع العلم، فقال: من أنت؟ قلت: رجل من العرب. قال: من أيّ العرب؟ قلت: رجل من قريش. قال: بأبي وأمي قريش، وأين مساكنها اليوم؟ قلت: بمكة. قال: فهل خرج محمد بعد؟ قلت: وما خروج محمد؟ قال: فقص علىّ كيف يكون خروجه، وأخبرني أنه نبي، وأنه سيخرج، فإذا خرج فأتّبعه وقص أمره، ثم قال لي: أعالم أنت بمكة؟ قلت: نعم. قال: فهل تعرف مكانا يقال له " المطابخ "؟ قلت: نعم. قال: أفتدري لم سُمِّىَ المطابخ؟ قلت: لا.
فقال: إن جيشين منا تواعدوا للقتال، فنزل أحدهما شرقي الجبل، ونزل الآخر غربيه، فنحرنا فيه الجُزُر من جانبيه جميعا، فسميَ بنا المطابخ.ثم قال: هل تعرف مكانا بمكة يقال له " القعيقعان "؟ قلت: نعم. قال: فهل تدري لم سمىَّ قيقعان ؟ قلت: لا .قال: لما خرجنا من المطابخ للقتال، فاجتمعنا بذلك الجبل، فاقتتلنا فيه، وقعقعوا السلاح، سميناه قعيقعان.
ثم قال: هل تعرف فيها بقعة يقال لها " فاضِحُ " قلت: أجل، نعم. قال: فهل تدري لم سمى فاضحا؟ قلت لا. قال: فإننا تناجزنا، فاقتتلنا قتالا فضح بعضنا بعضا، فسميناه فاضحا. ثم قال: هل تعرف فيها موضعا يقال له " أَجياد "؟ قال: قلت، نعم. قال: فهل تدري لم سمى أجيادا؟ قلت: لا. قال: فإنا لما أتيناه على جريدة خيل، فاقتلعت فيه الخيل، ليست فيها رجّالة، سمى أَجيادا لجياد الخيل. ثم انصرف عني إلى الروضة. فقلت: يا عبد الله، سألتني فأخبرتك، فأخبرني، من أنت؟ فألتفت إلي، فقال مجيبا:
كأَن لم يكن بين الحجون إلى الصَّفا ... أَنيس، ولم يسمُر بمكَّة سامرِ
بلى، نحن كنَّا أَهلَها، فأَزالنا ... صروف الَّليالي والجدود العواثُرِ
ويا رب كف الشر عنا حتى يعود للوطن أهله
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المعمرون والوصايا - السجستاني(ص: 2)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق