الأحد، 30 أغسطس 2020

بين الدهر والسجية

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

بين الدهر والسجية

وأقصد بِالدَّهْرُ: النّازلة. وهو ما يعتري المرء من نوازل أو مصائب . والسجية هي ما عرف به المرء من طبع . وللطبع أثر جلي في تعامل المرء مع محن الدهر وكذلك الإحن وهو ما وغر في الصدر من أحقاد ومن مورث قديم العهد .

وكثيراً ما ترى المرء ينسب مصائبه للدهر مرة وللناس مرة أخرى . يشكو فيه من تكبر بعض الناس عليه وأن الدهر لا يوافيه حظه ولا ينله مراده . كل ذلك ليبرر عجزه بقلة حيلته .

كُلُّ مَنْ لاقَيْتُ يَشْكُو دَهْرَهُ ... لَيْتَ شِعْرِي هَذِهِ الدُّنْيَا لِمَنْ

وربما تظاهر المرء بغير شميته أملاً في الوصول لهدفه إلا أن الدهر كفيل بكشف غطاء الطبع عنه وإظهار الدفين الذي أضمره . ورحم الله ابن وابصة حيث قال :

يأيها المتحلي غير شيمته ... ومن سجيته الإكثار والملق

ارجع إلى خلقك المعروف ديدنه  ... إنّ التخلّق يأبى دونه الخلق

علما بأن في الأرض متسع لكل الخلق إلا أن الضغينة والحسد هما مقصرات الهمم . فمن سأل الله أعطاه ومن قنع غني

قال ابن أبي فنن:

ما ضاقت الأرض على راغب ... يطّلب الرزق ولا ذاهب

فارغب إلى الله وإحسانه ... لا تطلب الرزق من الطالب

إلا أن أقواماً غلبت عليهم سجية الحسد حاقدون حتى على أقرب الناس إليهم . همهم زوال النعمة عن الناس من أصغرها حتى أكبرها . لا مانع عندهم من تدمير وطن وتشريد أهله . هي سجاياهم وتلك طباعهم .

أصعب من نقل جبل ... نقل السجيات الأول

دائمي الشكوى ولا شكوى سوى الإحساس بالسعادة حيث تحل المحن بالناس فقد أعمى الطمع قلوبهم . قاتلهم الله

يبيت يشكو وجعا ولا وجع ... وهو إذا أعطى زادا ابتلع

أسرع شيء عَدْوُهُ إلى الطّمع ... كأنّه الكلب إذا الكلب ظلع .

يا رب عليك بمن ساقه الطمع لتدمير وطننا وتشريدنا

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــــ

البرصان والعرجان والعميان والحولان - الجاحظ(ص: 298)

الرسائل السياسية - الجاحظ(ص: 590)

عيون الأخبار – ابن قتيبة الدينوري(2/ 8)

الكامل في اللغة والأدب  - المبرد(1/ 18)

ربيع الأبرار ونصوص الأخيار (2/ 217)

===========

الظلع : مسير الكلب على ثلاث قوائم

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق