الاثنين، 24 أغسطس 2020

مجلس الأمن اليوم صورة من برلمان مكة في الماضي

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

مجلس الأمن اليوم صورة من برلمان مكة في الماضي         

وأسماء من حاصر بيت النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ومن الهجرة النبوية الشريفة دروس نتعلمها

في مدينة أور قرر مجلس الأمن فيها إحراق سيدنا إبراهيم عليه السلام وكان قرار مجلس مدينة سدوم قتل سيدنا لوط ومجلس مدينة منف قرر فيه آل فرعون قتل سيدنا موسى . وكان قرار اليهود في مدينة إيلياء القدس صلب سيدنا عيسى

أما في في دار الندوة وهي دار قصي بن كلاب وهو أحد أجداد قريش قرر برلمان مكة قتل سيدنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان لا بد لإبليس اللعين من حضور المداولات حتى يخرج القرار عن مراده . إلا أن الله متم نوره ولو كره الكافرون .

لما رأى المشركون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجهزوا وخرجوا، وحملوا وساقوا الذراري والأطفال والأموال إلى الأوس والخزرج، وقعت فيهم ضجة أثارت القلاقل والأحزان . كانوا يعرفون ما للمدينة من الموقع الاستراتيجي بالنسبة إلى المحجة التجارية التي تمر بساحل البحر الأحمر من اليمن إلى الشام. وقد كان أهل مكة يتاجرون إلى الشام بقدر ربع مليون دينار ذهب سنويا. ومعلوم أن مدار هذه التجارة كان على استقرار الأمن في تلك الطريق.  وفي يوم الخميس 26 من شهر صفر سنة 14 من النبوة، الموافق 12 من شهر سبتمبر سنة 622 م أي بعد شهرين ونصف تقريبا من بيعة العقبة الكبرى- عقد برلمان مكة (دار الندوة) في أوائل النهار أخطر اجتماع له في تاريخه، وتوافد إلى هذا الاجتماع جميع نواب القبائل القرشية، ليتدارسوا خطة حاسمة تكفل القضاء سريعا على حامل لواء الدعوة الإسلامية، وتقطع تيار نورها عن الوجود نهائيا. وكانت الوجوه البارزة في هذا الاجتماع الخطير من نواب قبائل قريش: 1- أبو جهل بن هشام، عن قبيلة بني مخزوم. 2- جبير بن مطعم، وطعيمة بن عدي، والحارث بن عامر، عن بني نوفل بن عبد مناف. 3- شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب، عن بني عبد شمس بن عبد مناف. 4- النضر بن الحارث- وهو الذي كان ألقى على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلا جزور- عن بني عبد الدار.5- أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، وحكيم بن حزام عن بني أسد بن عبد العزى. 6- نبيه ومنبه ابنا الحجاج، عن بني سهم. 7- أمية بن خلف، عن بني جمح. ولما جاؤوا إلى دار الندوة حسب الميعاد اعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل، ووقف على الباب، فقالوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له، فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى ألا يعدمكم منه رأيا ونصحا. قالوا: أجل، فادخل، فدخل معهم. وبعد أن تكامل الاجتماع بدأ عرض الاقتراحات والحلول، ودار النقاش طويلا. قال أبو الأسود: نخرجه من بين أظهرنا وننفيه من بلادنا، ولا نبالي أين ذهب، ولا حيث وقع، فقد أصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت. قال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه، وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب، ثم يسير بهم إليكم- بعد أن يتابعوه- حتى يطأكم بهم في بلادكم، ثم يفعل بكم ما أراد، قال أبو البختري: احبسوه في الحديد، وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أمثاله من الشعراء الذين كانوا قبله- زهيرا والنابغة- ومن مضى منهم من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم. قال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه- كما تقولون- ليخرجن من أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم، فينزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به. حتى يغلبوا على أمركم. ما هذا لكم برأي، فانظروا في غيره. وبعد أن رفض البرلمان هذين الاقتراحين قدم إليه اقتراح آثم وافق عليه جميع أعضائه، تقدم به كبير مجرمي مكة أبو جهل بن هشام. قال أبو جهل: «والله إن لي فيه رأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد، قالوا: وما هو يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جلدا نسيبا وسيطا فينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا إليه، فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل، فعقلناه لهم. قال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي الذي لا أرى غيره. ووافق برلمان مكة على هذا الإقتراح الآثم بالإجماع، ورجع النواب إلى بيوتهم، وقد صمموا على تنفيذ هذا القرار فورا  . تم اتخاذ القرار الغاشم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم نزل إليه جبريل بوحي ربه تبارك وتعالى، فأخبره بمؤامرة قريش، وأن الله قد أذن له في الخروج، وحدد له وقت الهجرة قائلا: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه  . وذهب النبي صلى الله عليه وسلم في الهاجرة إلى أبي بكر رضي الله عنه، ليبرم معه مراحل الهجرة، قالت عائشة رضي الله عنها: بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- متقنعا، في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر. قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن، فأذن له، فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «أخرج من عندك» . فقال أبو بكر: إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله. قال: «فإني قد أذن لي في الخروج» فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم». وبعد إبرام خطة الهجرة رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته، ينتظر مجيء الليل  . أما أكابر مجرمي قريش فقضوا نهارهم في الإعداد لتنفيذ الخطة المرسومة التي أبرمها برلمان مكة (دار الندوة) صباحا، واختير لذلك أحد عشر رئيسا من هؤلاء الأكابر، وهم: 1- أبو جهل بن هشام. 2- الحكم بن أبي العاص.3- عقبة بن أبي معيط.4- النضر بن الحارث. 5- أمية بن خلف. 6- زمعة بن الأسود.7- طعيمة بن عدي.8- أبو لهب. 9- أبيّ بن خلف. 10- نبيه بن الحجاج. 11- أخوه منبه بن الحجاج . قال ابن إسحاق: فلما كانت عتمة الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى نام، فيثبون عليه  . وكانوا على ثقة ويقين جازم من نجاح هذه المؤامرة الدنية، حتى وقف أبو جهل وقفة الزهو والخيلاء، وقال مخاطبا لأصحابه المطوفين في سخرية واستهزاء: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم، ثم جعلت لكم نارا تحرقون فيها. وقد كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل، فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة الصفر، ولكن الله غالب على أمره، بيده ملكوت السماوات والأرض، يفعل ما يشاء، وهو يجير ولا يجار عليه، فقد فعل ما خاطب به الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ، وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [الأنفال: 30] . ومع غاية استعداد قريش لتنفيذ خطتهم فقد فشلوا فشلا فاحشا. ففي هذه الساعة الحرجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: «نم على فراشي، وتسبح ببردي هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام .ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، واخترق صفوفهم، وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رؤوسهم، وقد آخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه، وهو يتلو: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [يس: 9] فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا، ومضى إلى بيت أبي بكر، فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلا حتى لحقا بغار ثور في اتجاه اليمن  . وبقي المحاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر، وقبيل حلولها تجلت لهم الخيبة والفشل، فقد جاءهم رجل ممن لم يكن معهم، ورآهم ببابه فقال: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا. قال: خبتم وخسرتم، قد والله مر بكم، وذر على رؤوسكم التراب، وانطلق لحاجته، قالوا: والله ما أبصرناه، وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم.

ولكنهم تطلعوا من صير الباب فرأوا عليا، فقالوا: والله إن هذا لمحمد نائما، عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا. وقام عليّ عن الفراش، فسقط في أيديهم، وسألوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا علم لي به .

ويا رب كما فرجت عن سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رد كيد من أرد السوء بسوريا وأهلها

فرج يا رب عن سوريا وأهلها

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

زاد المعاد 2- ابن قيم الجوزية / 52.

سيرة ابن هشام 1/ 482.

الرحيق المختوم (ص: 148)

فقه السيرة النبوية

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق