الجمعة، 6 أكتوبر 2017

من وراء الطاولة

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
عطاؤك هو عمرك ، فإن توقف العطاء كانت نهايتك وأنت حي
ومن سلفنا نتعلم
أقول : إن استعرضنا صورا ولن أعيدكم في ذلك إلى حقب مغرقة في القدم ، بل إلى ما مضى من سنين قريبة ، وفيها كنّا نجد ، أن عطاء المرء لا يعرف التقاعد
نساؤنا ورجالنا كان العمل دليلا على الحياة ، واليوم شبابنا وشاباتنا جُلّ اهتمامها البحث عن عمل من وراء الطاولة ، فالحركة كانت بركة
هناك استثناء واحد نستبعد فيه التفكير في التقاعد ، ألا وهو المنصب
قلة هم الذين يعرفون أن الجاحظ رحمه الله ألف كتابيه البيان والتبين ، والحيوان بعد أن تقدمت به السن وبلغ طور الشيخوخة والندرة من يعرف أنه ألف هذين الكتابين وهو طريح الفراش وقد وصف حاله قائلا : أنا جانبي الأيمن منقرسٌ فلو مر به الذباب لألمت، وبي حصاة لا ينسرح لي البول معها وأشد ما علي ست وتسعون سنة
وكان الجاحظ في أواخر عمره قد أصابه الفالج، فكان يطلي نصفه الأيمن بالصندل والكافور لشدة حرارته، والنصف الأيسر لو قرض بالمقاريض لما أحس به من خدره وشدة برده. وكان يقول في مرضه: اصطلحت على جسدي الأضداد. إن أكلت بارداً أخذ برجلي، وأن أكلت حاراً أخذ برأسي. وكان يقول لمتطبب : أما من جانبي الأيسر مفلوج فلو قرض بالمقاريض ما علمت به، ، وهو يدرك أن الشباب له ما له من نشاط وحيوية ، لذا كان ينشد:
أترجو أن تكون وأنت شيخٌ ... كما قد كنت أيام الشباب
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب ... دريسٌ كالجديد من الثياب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-       أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (1/ 199)
-       وفيات الأعيان (3/ 473)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق