الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

الْغَدّار تِيمور أو تمرلنك ، وإن شئنا الظلومُ الغشوم

الْغَدّار
تِيمور أو تمرلنك ، وإن شئنا الظلومُ الغشوم
في سطور
ومعنا اسمه في التركية الحديد ، مسقط رأسه قرية تسمى خواجة إيلغار وهي من أعمال كش مدينة من مدن ما وراء النهر قريبة من سمرقند
وقيل رؤي يوم ولد وكأن شيئا شبيه الخوذة تطاير في الجو ثم سقط وخرج منه شبيه الشر حتى ملأ البدو والحضر قال الكهنة وأهل العيافة تأويل ذلك  فقال بعضهم يكون شرطياً وقال بعض ينشأ لصاً حرامياً، وقال قوم بل يكون قصاباً سفاكاً،وقال آخرون بل يصير جلاداً بتاكاً وتظافرت هذه الأقوال، فكان كل هؤلاء
كان هو وأبوه من الفدادين ومن طائفة أوشاب لا عقل لهم ولا دين، وكان أبوه إسكافاً فقيراً ، وذكر صاحب المنتخب أن له نسبا يصل به إلى جنكز خان من جهة النساء، فهو فرع خبيث نشأ عن أصل خبيث، وكان رجلا له قامة شاهقة قال : كأنه من بقايا العمالقة، عظيم الجبهة والهامة، شديد القوّة والبأس، عملاق من حيث الطول
سرق تيمور غنمة فضربه الراعي في كتفه بسهم فأبطلها، ( شلها ) وثنى عليه بأخرى في فخذه فأخطلها ( غدت رجله غير سوية بالمسير)  فازداد فقره، لذلك وزاد لؤماً وشراً، ورغبة في الفساد، وحنقاً على العباد والبلاد
رفقاؤه فساد الدنيا وشياطينها منهم عباس وجاهنشاه، وقماري وسليمان شاه، وأيدكو تيمور وجاكو وسيف الدين، تجمعهم واحد صفة فلا دنيا لهم ولا دين، قضية واحدة يرددها أنه سيغدو ملكا ، وغدا سبحان الله العظيم
وكانت له أبهته أن ملوك الأطراف مع استقلالهم بالخطبة والسكة كانوا إذا قدموا عليه بهدياتهم يجلسون على أعتاب العبودية نحوا من مدّ البصر من سرادقته، وإذا أراد منهم واحدا أرسل من الخدمة نحوه قاصدا، فيدعون ذلك الواحد باسمه فيغدو نحوه.
ومن غريب ما يروى ولم يملك سوى ثوب قطن فباعه واشترى بثمنه ماعزا وقصد الشيخ شمس الدين الفاخوري بمدينة كش، وقد ربط بطرف حبل عنق الماعز وربط عنقه بالطرف الآخر وجعل يتشحّط على عصا من جريد حتى دخل على الشيخ فصادفه هو والفقراء مشغولين بالذّكر، فلم يزل قائما في صف النّعال حتى فرغوا مما هم فيه، فلمّا وقع نظر الشيخ عليه سارع إلى تقبيل يديه ورجليه فتفكّر الشيخ ساعة؛ ثم قال لتلامذته: هذا الرجل استمدّنا فيما لا يساوي عند الله جناح بعوضة، فنرى أن نمدّه ولا نحرمه، فأمدّوه بالدّعاء فدعوا له، ولمّا قدم خراسان اجتمع بالشيخ أبي بكر الخوافي فأكبّ على رجليه، فوضع الشيخ يديه على ظهره فقال تيمور: لولا أن الشيخ رفع يديه بسرعة لخلت (305) أرتض، ولقد تصوّر لي أن السّماء وقعت على الأرض وأنا بينهما رضضت أشدّ رضّ، ثم إنه جلس بين يديه وقال: يا مولانا الشيخ فما تأمرون مملوككم أبا لعدل والإنصاف، وأن لا يميل إلى الجور والاعتساف؟ فقال له الشيخ: أمرناهم بذلك فلم يأتمروا فسّلطناك عليهم، فخرج من فوره من عند الشيخ وهو يقول: ملكت الدنيا وربّ الكعبة، وكان كثيرا ما يقول بعد ذلك: كلّ ما نلته هو بدعوة الشيخ الفاخوري
وكان من أمره أن له رفقاء يتلصّصون ويقطعون الطريق ببلاد ما وراء النهر حتى شعر بهم السّلطان حسن حاكم هراة فظفر بهم، فبعد ضربه أمر بصلبه، وكان للسّلطان ولد رأيه غير متين يدعى الملك غياث الدين، فشفع فيه فقال له أبوه: هذا حرامي مادّة الفساد، لئن بقي ليخربن البلاد وليهلكنّ العباد، فقال له ابنه: وما عسى أن يصدر من نصف آدمي وقد أصيب بالدّواهي، فوهبه له، فوكّل به من داواه إلى أن اندمل جرحه، فكان في خدمته، فقرّبه وزوّجه بشقيقته فغاضبها في بعض الأيام فقتلها، فلم يسعه إلاّ الخروج والعصيان والتمرّد والطغيان، فكان من أمره ما كان، فاستصفى ممالك ما وراء النّهر، ثم شرع في استخلاص البلاد من ملوكها واسترقاق العباد، فدبّ في البلاد دبيب السّم في الجسد
صاهر المغول وصافاهم وتزوّج بنت ملكهم  فأمن شرّهم، ثم أرسل إلى مخدومه سلطان هراة الملك غياث الدين فطلب منه الدّخول في طاعته فأرسل غياث الدين يقول صحبة الرسول: أما كنت خادما لي وأحسنت إليك بعد أن نجّيتك من الصّلب فإن لم تكن إنسانا تعرف / الإحسان فكن كلبا، فعبر جيحون وتوجّه إليه فلم يكن لغياث الدين قوة الوقوف له، فحصر نفسه في القلعة، فأمّنه ثم قبض عليه، وكان خلف أن لا يريق له دما، فقتله جوعا في الحبس، ثم عاد إلى خراسان وعمل على الانتقام من أهل سجستان فوضع السّيف فيهم عن بكرة أبيهم، وأخرب المدينة فما أبقى بها شجرا ولا مدرا، ولا عينا ولا أثرا، فارتحل عنها بعد أن جعلها قاعا صفصفا.
عاث في الهند فسادا ، تحول للشام فدخل حلب وفعل كل ما يخطر وما لا يخطر ببال أحد فعبث بأطفالها ونسائها ورجالها بأفعال ربما فاقت تفكير ابليس ، ذكرها المؤرخون
ولكن أين تيمور ؟ وأين من ناصر تيمور ؟
كان بلاء ومن شأن البلاء أن يزول
ورحم الله القائل
إن المقادير إذا ساعدت ... ألحقت العاجز بالحازم
 -----
عجائب المقدور في أخبار تيمور (ص: 5)
نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار (1/ 287)
معجم البلدان (4/ 462)
الإبانة في اللغة العربية (3/ 43)
---------
-         الْفَدادِين - مُخَفّفَة وَاحِدهَا فدان - مُشَدّدَة وَهِي الْبَقَرَة الَّتِي يحرث بهَا يَقُول: إِن أَهلهَا أهل قسوة وجفاء لبعدهم من
-         الجشار : رعي الماشية في مكان محدد
-         كَشُّ: بالفتح ثم التشديد: قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان على جبل
-         رجل ختار: غدارٌ. قال الله عز وجل: {كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ}. وفي الحديث "إنك لن تُمدَّ لنا شبراً من غدر إلا مددنا لك باعاً من ختر". وقال ابن عباس في قوله تعالى: {خَتَّارٍ كَفُورٍ} قال: الختارُ: الغدارُ الظلومُ الغشوم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق