الأحد، 21 مايو 2023

ضريبة الزواج من حسناء فاتنة وشاعرة وفي ذؤابة الشرف وغاية في الثروة ومن حياة الصحابية ضباعة بنت عامر رضي الله عنها لنا مثل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ضريبة الزواج من حسناء فاتنة وشاعرة وفي ذؤابة الشرف وغاية في الثروة

ومن حياة الصحابية ضباعة بنت عامر رضي الله عنها لنا مثل

هي ضُبَاعَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ قُرْطِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ قُشَيْرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وكَانَتْ ضُبَاعَةُ بِنْتُ عَامِرٍ عِنْدَ هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ فَهَلَكَ عَنْهَا فَوَرَّثَتْهُ مَالًا كَثِيرًا فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيُّ وَكَانَ لَا يُولَدُ لَهُ فَسَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَوَلَدَتْ لَهُ سَلَمَةَ فَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ فَتُوُفِّيَ عَنْهَا هِشَامٌ وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَعْظَمِهِ خُلُقًا وَكَانَتْ إِذَا جَلَسَتْ أَخَذَتْ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا كَثِيرًا وَكَانَتْ تُغَطِّي جَسَدَهَا بِشَعْرِهَا  فَذُكِرَ جَمَالُهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم فَخَطَبَهَا إِلَى ابْنِهَا سَلَمَةَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْمِرَهَا، وَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم: إِنَّهَا قَدْ كَبِرَتْ فَأَتَاهَا ابْنُهَا، فَقَالَ لَهَا إِنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم خَطَبَكِ إِلَيَّ، فَقَالَتْ: مَا قُلْتَ لَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: حَتَّى أَسْتَأْمِرَهَا، فَقَالَتْ: وَفِي النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم يُسْتَأْمَرُ ارْجِعْ فَزَوِّجْهُ فَرَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ فَسَكَتَ عَنْهُ "

وَكَانَتْ مِنَ النِّسْوَةِ اللَّاتِي أَسْلَمْنَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، جَاءَتْ زَائِرَةً إِلَى بَنِي عَمِّهَا، فَقَالَتْ: يَا آلَ عَامِرٍ، وَلَا عَامِرَ لِي، أَيُصْنَعُ هَذَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لَا يَمْنَعُهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ؟ فَقَامَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ بَنِي عَمِّهَا إِلَى بَيْجَرَةَ، فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رِجْلًا فَجَلَدَ بِهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ عَلَّقُوا وَجْهَهُ لَطْمًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى هَؤُلَاءِ» فَأَسْلَمُوا فَقُتِلُوا شُهَدَاءَ "

قابلت هشام بن المغيرة في سوق مكة، وكان مشغولاً بتسلم بضاعة حملتها إحدى قوافله، وكانت تبحث عن ثوب من الحرير الدمشقي، طافت على كل التجار فلم تجد بغيتها، قالوا لها مثل هذه البضاعة النادرة لا توجد إلا عند تاجر واحد فقط هو هشام بن المغيرة، وعندما أقبلت عليه تأملها مبهوراً، كانت أجمل امرأة رآها في حياته، لم يكن رجلا محروماً، بل كان يعاني تخمة نسائية، بيوته المتعددة مليئة بزوجات وإماء وجوار ومحظيات وسبايا، لكنها فاقتهن جميعاً، سألته عن الثوب الذي تبتغيه، عرض أمامها كل ما جلبه في رحلته الأخيرة إلى الشام، حرائر ناعمة كالشوق، زاهية الألوان كقوس قزح، اختارت أكثر مما كانت تريد، سألته عن ثمنها فقال: - هي لك بلا مقابل، على أن تذكري لي اسمك وقبيلتك.

قالت له أن اسمها ضباعة بنت عامر، وأنها من بني قشير، زوجة لعبدالله بن جدعان. بعد أن انصرفت لم يستطع أن ينساها، ظل يقلب في الحرائر ساهما، وعندما عاد للبيت، عاف كل نسائه، قال لها عبد الله بن جدعان أخبرت أنك تحدثين هشام بن المغيرة، كان عليك أن تحذري منه.. ألا تعرفين أنه زير نساء.

أرسل إليها هشام بن المغيرة: ما تصنعين بهذا الشّيخ الكبير الذي لا يولد له: فقولي له فليطلّقك. فقالت ذلك لعبد الله بن جدعان، فقال لها: إنّي أخاف إن طلّقتك تتزوّجي هشام بن المغيرة؟؟! قالت له: فإنّ لك عليّ أن لا أفعل هذا. قال لها: فإن فعلت، فإنّ عليك مائةً من الإبل تنحرينها وتنسجين ثوباً يقطع ما بين الأخشبين وتطوفين بالبيت عريانةً. قالت: لا أطيق ذلك. وأرسلت إلى هشام فأخبرته، فأرسل إليها ما أهون ذلك، - ما أيسر ما سألك، ما أوهن شروطه، فلا يسوؤك ما طلب، أنا أكثر قريش مالاً، ونسائي أمهر نساء قريش في الحياكة، وأنت أجمل نساء الأرض فلا بأس عليك. وافقت ضباعة زوجها على شروطه، أن تنحر الإبل، وأن تغزل ثوباً بطول المسافة بين جبال مكة ومنى وأن تطوف حول البيت عارية. فبدأ بأسهلها، فنحر بن المغيرة مائة ناقة في ساحة الكعبة وتركها مشاعاً يأكل منها الناس والطيور الجارحة والحيوانات الجائعة، ثم جمع نساءه وأمرهن أن يغزلن ثوباً للبيت الحرام بطول المسافة بين جبل مكة ومنى، وسهرت النسوة الليالي الطوال يوالين غزلا يضيف زوجة أخرى لهن، وبذل ابن المغيرة المستحيل ليبعد الجميع عن ساحة البيت الحرام وانتظرا طويلاً معا حتى تأخر الليل، وهجع الجميع، خلعت ضباعة ثيابها وبدأت تطوف حول البيت والقمر يلقي جسدها تألقاً يجعله بجمال غريب.

ولكنه لم يكن وحده هو الذي امتلكها، كان الجميع يشاركونه فيها، لا يتحدثون عن شيء إلا هي، في كل جلسة سمر، وسط الصفقات والمساومات في السوق، أثناء التسكع واختلاس النظرات، كانوا يتحدثون عن «ضباعة» وعن روعة جسدها، وكل واحد منهم رأى جزءا منها، يحفظ تفاصيله ويصفه بدقة متناهية، وعندما يجتمعون سوياً يضمون هذه الأجزاء عبر مخيلة الرواة و التفاصيل، ليكونا منها جسداً عاماً، له عمومية الآبار والجبال، كان بن المغيرة يحسب أنه قد تزوج امرأة ولكنه اكتشف أنه تزوج حلما جماعيا لقبيلة بأسرها، لم يعد يستطيع أن يجلس معها في الفراش دون أن يرى عيونهم جميعا وهي تترقب ما يفعله، عندما كانت تخلع ثيابها وتجلس أمامه كان يعلم أن الجميع يرونها معه، كان يراجع التفاصيل فيدهش كيف رأوا كل هذا تحت ضوء القمر؟

فقد كل شيء طعمه، وأدرك سبب شروط الزوج العجوز ومغزى انتقامه، لقد أراد ألا تكون بعده لرجل واحد، ولكن لكل الرجال، حولها إلى حلم لا يستطيع رجل بمفرده أن يمتلكه، واضطر ابن المغيرة لأن يطلقها هو أيضاً ولكن بلا شروط هذه المرة. وقالت ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة الخير بن القشير ترثي زوجها هشام بن المغيرة وكانت قد أسلمت وولدت لهشام سلمة:

إنك لو وألت إلى هشام ... أمنت وكنت في حرم مقيم

كريم الخيم خفاف حشاه ... ثمال لليتيمة واليتيم

ربيع الناس أروع هبرزي ... أبي الضيم ليس بذي وصوم

أصيل الرأي ليس بحيدري ... ولا نكد العطاء ولا زميم

ولا خذالة إن كان كون ... دميم في الأمور ولا مليم

ولا متنزع بالسوء فيهم ... ولا قذع المقال ولا غشوم

فأصبح ثاوياً بقرار رمس ... كذاك الدهر يفجع بالكريم

وقالت حين هاجر ابنها سلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم:

اللهم رب الكعبة المحرمة ... انصر على عدو سلمة

له يدان في الأمور المبهمة ... كف بها يعطي وكف منعمة

أجرأ من ضرعامة في أجمه ... يحمي غداة الروع عند الملحمة

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــ

الطبقات الكبرى – ابن  (8/ 153)

معرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3388)

أخبار النساء لابن الجوزي (ص: 148)

بلاغات النساء – ابن طيفور (ص: 178)


هِبْرِزيّ: جميل وسيم، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سيّد كريم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق