الأحد، 7 مايو 2023

لو أن عاداً سمعت من هود ولو أننا أصغينا لصوت العقل لتغيرت أحوالنا

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

لو أن عاداً سمعت من هود

ولو أننا أصغينا لصوت العقل لتغيرت أحوالنا

عاد الأولى وعاد الأخرى فعاد الأولى قوم هود وعاد الأخرى قوم لقمان الجبّار  ، و «عاد» إما أن تطلق على المكان والمحل، وإما أن تطلق على الذوات التي عاشت في المكان، وَيُقَالُ لِلْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ وَهُمْ قَبَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْهُمْ عَادٌ * وَثَمُودُ * وَجُرْهُمُ * وَطَسْمٌ * وَجَدِيسُ * وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا الْعَرَبُ الْمُسْتَعْرِبَةُ فَهُمْ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ . وَكَانُوا عَرَبَا يَسْكُنُونَ الْأَحْقَافَ وَهِيَ جِبَالُ الرَّمْلِ وكانت باليمن من عمان وحضر موت .

وحكي عن عاد الأولى أنهم لما هاجت الريح قام نفر منهم فأدخلوا عيالهم شعبا من شعاب الجبل ثم اصطفوا على باب الشعب ليردوا عنهم الريح فلما ألحت عليهم حفروا [الأرض] بسيوفهم وغاصوا فيها إلى أنصافهم وكان للقوم قامات وأجسام لقول الله تعالى : أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها في الْبِلادِ 89: 6- 8 . ويقال أنه كان يبلغ طول أحدهم اثنتي عشرة ذراعا ، وقيل :ستين ذراعا والله أعلم فجعلت الريح تقلعهم وتجعفهم لقول الله تعالى تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ . وكان الغلام من قوم عاد لا يحتلم حتى يبلغ مائتي سنة

ولقد مد الله في أعمارهم  فعاداً لما توسط العمر به واجتمع له الولد وولد الولد، ورأى البطن العاشر من ولده، وظهور الكثرة مع تشييد الملك واستقامة الأمر، غمر إحسانه الناس، وقرى الضيف، وأحواله منتظمة، والدنيا عليه مقبلة، فعاش الف سنة ومائتي سنة ثم مات. وملك بعده أخوه «شداد بن عاد» وكان ملكه تسعمائة سنة . ومنهم لقمان بن عاد صاحب النسور ، وهو من سأل الله طول العمر، فأعطاه عمر سبعة أنسر، لما تجبروا وعتوا وعبدوا الأوثان أرسل اللَّه تَعَالَى إليهم هود ، فإن كانت الريح لتمرّ بالظعينة فتستدبرها وحمولتها، ثم تذهب بهم في السماء، ثم تكبهم على الرؤوس، لقد تكبر قوم عاد على سيدنا هود عليه السلام والذين آمنوا معه، وظنوا أنهم أقوى الأقوياء، وغفلوا عن قدرة الخالق الأعلى وهو القوي الأعظم وأنكروا آيات الله، فماذا كان مصيرهم؟ فاجأهم الحق بإرسال ريح ذات صوت شديد في أيام كلها شؤم ليذيقهم عذاب الهوان والخزي والذل في هذه الدنيا، ويقسم الحق بأن عذاب الآخرة أشد خزياً

والذي أنهى قوم هود العناد لا أكثر {وَمَا نَحْنُ بتاركي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [هود: 53] . هم إذن قد خدعوا أنفسهم بتسميتهم لتلك الأصنام «آلهة» ؛ لأن الإله مَنْ يُنزل منهجاً يحدِّد من خلاله كيف يُعْبَد؛ ولم تَقُل الأصنام لهم شيئاً؛ ولم تُبلغهم منهجاً.

وليتهم سمعوا

ورحم الله الهيل بن الخليل حيث قال :

لو أن عاداً سَمِعَتْ من هود ... واتبعت طريقة الرشيد

وقد أتى بالوعد الوعيد ... عاداً وبالتقريب والتبعيد

ما أصبحت عاثرة الجدود ... صَرْعَى على الآناف والخدود

ساقطة الأجساد بالوصيد ... ما ذا جنى الوفد من الوفود؟

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــــــــــ

البدء والتاريخ  - المقدسي (3/ 36)

تفسير الطبري (23/ 574)

مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (1/ 353)

المنتظم في تاريخ الملوك والأمم – سبط ابن الجوزي (1/ 252)

مروج الذهب ومعادن الجوهر (2/ 13)

البداية والنهاية – ابن كثير (1/ 138)

تفسير الشعراوي (11/ 6504)

 

الجَعْفُ: شِدَةُ الصُّرْع

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق