صَبِيحَةٌ مُبارَكَة
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
حرمة الحكمة
ومن جملة ما حل فينا من بلاء بث العلم دون حساب
ومن حياة السلف لنا مثل
قَالَ سيدنا عَلِيٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه : «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ
أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ». وكلنا يعلم أن قُدراتُ الناسِ
تَختلِفُ في الفَهمِ والاستِيعابِ للأُمورِ، ومِن فِقهِ العالِمِ أنْ يُحدِّثَ
كلَّ فَرْدٍ وكلَّ جَماعةٍ بما تَستوعِبُه عقُولُهم .واليوم
ترى أن العالم يبث جذافاً ، وإن فعسى أن يستفاد منه دون تحديد لسن عمري أو لقدرة
السامع أو القارئ على الاستيعاب والفهم . والحق أن العلماء الأكفاء قد يقعون في
أخطاء في فهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم وشهدوا بها على أنفسهم . من ذلك أن
الإمام الشاطبي على علو قدره حين قرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ونهيه عَنِ
التَّحَلُّقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ . ظل عشرين سنة لا يحلق شعره ،
وحين قدر له أن يقرأ الحديث مرة أخرى أدرك أن المراد به حلقات الوعظ قبل خطبة
الجمعة ، والفرق هو بين الحِلَقْ وهي الحلقات والحَلقُ وهو قص الشعر . وقال البستي
: وكان بعض مشايخنا يرونه أنه نهى عن الحَلْق بسكون اللام وأخبرني أنه بقي أربعين
سنة لا يحلق رأسه قبل الصلاة يوم الجمعة، ولهذا ترى ما هو جدير بالاستغراب . أن
النصيحة لا يراعى فيها قدرة السامع على الفهم . سؤال ورد في امتحان الشهادة
الإعدادية بصيغة ( بيّن ) والطلاب اعتادوا كلمة اشرح فكانت مشكلة . والمشكلة أيضا
أن النشر لا يكلف مالا ، إضافة إلى أن كثير من الأخوة ينشرون أدعية وبصيغ شتى
يبهرهم ظاهر الكلمات ولو أنهم دققوا لتوقفوا عن نشرها لما فيها من خطأ . والكل محاسب
عن نشره . عن أبي عمران وهو المزين الكبير المكي قال سمعته يقول لأبي بكر الكتابي
وكان سمحاً بهذا العلم بزولاً له لجميع الفقراء فجعل أبو عمران يعاتبه وينهاه عن
بذله له وكثرة كلامه فيه إلى أن قال: أنا منذ عشرين سنة أسأل الله تعالى أن ينسيني
هذا العلم قال: ولم؟ قال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام
فسمعته يقول إن لكل شيء عن الله تعالى حرمة ومن أعظم الأشياء حرمة الحكمة، فمن
وضعها في غير أهلها طالبه الله تعالى بحقها ومن طالبه خصمه .
فاليقظة مطلوبة والكل محاسب ، ولا يقل لي أحد أن الأصل في
النوايا . فالحكمة إما أن تكون في محل مشتملة على مصداقيتها أو أن الامتناع أوجب
يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام
التوحيد - الحارثي(1/ 267)
صحيح البخاري (1/ 37)
معالم السنن – البستي (1/ 247)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق