الأحد، 14 مايو 2023

صور من تاريخ نسائنا خولة بنت الأزور صحابية جمعت بين الفروسية والجمال والشعر (000 - نحو 35 هـ = 000 - نحو 655 م

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

صور من تاريخ نسائنا خولة بنت الأزور

صحابية جمعت بين الفروسية والجمال والشعر (000 - نحو 35 هـ = 000 - نحو 655 م)

خولة بنت الأزور الأسدي كانت من أشجع النساء في عصرها، وتشبَّه بخالد بن الوليد في حملاتها. وهي أخت ضرار بن الأزور. حدثها أخوها ضرار عن رحلته للجهاد لفتح الشام ، ودار الحوار بينها إلا أنه وفي نهايته سمح لها بمرافقته في جهاده . لقد أسرت خولة في إحدى المعارك حول دمشق وفي موقعة سحورا قاتل المسلمون فيها قتال من يبتغي الشهادة ووصل الخبر لضرار أن جمعنا من نساء المسلمين وقعوا أسرى بيد الروم . لقد عرضت نساء المسلمين على بولص القائد فأعجبت خولة فقال : هذه لي وقال: وكل من سبق إلى واحدة يقول: هي لي حتى قسموا الغنيمة على ذلك ، وكان في النساء عجائز من حمير وتبع من نسل العمالقة والتبابعة وكن قد اعتدن ركوب الخيل فقالت لهن خولة بنت الأزور: يا بنات حمير بقية تبع أترضين بأنفسكن علوج الروم ويكون أولادكن عبيدا لأهل الشرك فأين شجاعتكن وبراعتكن التي نتحدث بها عنكن فيا أحياء العرب ومحاضر الحضر ولا أراكن إلا بمعزل عن ذلك وإني أرى القتل عليكن أهون من هذه المصائب وما نزل بكم من خدمة الروم الكلاب. فقالت عفرة بنت غفار الحميرية: صدقت ووالله يا بنت الأزور نحن في الشجاعة كما ذكرت وفي البراعة كما وصفت لنا المشاهد العظام والمواقف الجسام ووالله لقد اعتدنا ركوب الخيل وهجوم الليل غير أن السيف يحسن فعله في مثل هذا الوقت وإنما دهمنا العدو على حين غفلة وما نحن إلا كالغنم فقالت خولة: يا بنات التبابعة والعمالقة خذوا أعمدة الخيام وأوتاد الأطناب ونحمل بها على هؤلاء اللئام فلعل الله ينصرنا عليهم أو نستريح من معرة العرب فقالت عفرة بنت غفار: والله ما دعوت إلا ما هو أحب إلينا مما ذكرت ثم تناولت كل واحدة عمودا من أعمدة الخيام وصحن صيحة واحدة وألقت خولة على عاتقها عمود الخيمة وسعت من ورائها عفرة وأم أبان بنت عتبة وسلمة بنت زراع ولبنى بنت حازم ومزروعة بنت عملوق وسلمة بنت النعمان ومثل هؤلاء رضي الله عنهن فقالت لهن خولة: لا ينفك بعضكن عن بعض وكن كالحلقة الدائرة ولا تتفرقن فتملكن فيقع بكن التشتيت وحطمن رماح القوم واكسرن سيوفهن قال فهجمت خولة امامهن فأول ما ضربت رجلا من القوم على هامته بالعمود فتجندل فتوح الشام (1/ 48)

صريعا والتفت الروم ينظرون ما الخبر فإذا هم بالنسوة وقد أقبلن والعمد بأيديهن فصاح بطريق يا ويلكن ما هذا فقالت عفرة: هذه فعالنا فلنضربن بالقوم بهذه الأعمدة ولا بد من قطع اعماركم وانصرام أجالكم يا أهل الكفر قال فجاء بطرس وقال تفرقوا عن النسوة ولا تبذلوا فيهن السيوف ولاأحد منكم يقتل واحدة منهن وخذوهن اسارى ومن وقع منكم بصاحبتي فلا ينلها بمكروه فتفرق القوم عليهن وحدقوا بهن من كل جانب وراموا الوصول إليهن فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا ولم تزل النساء لا يدنوا إليهن أحد من الروم إلا ضربن قوائم فرسه فإذا تنكس عن جواده بادرت النساء بالأعمدة فيقتلنه ويأخذن سلاحه. قال الواقدي: ولقد بلغني أن النسوة قتلن ثلاثين فارسا من الروم فلما نظر بطرس إلى ذلك غضب غضبا شديدا وترجل وترجلت أصحابه نحو النساء والنساء يحرض بعضهن بعضا ويقلن متن كراما ولا تمتن لئاما وأظهر بطرس رأسه وتلهفه عندما نظر إلى فعلهن ونظر إلى خولة بنت الأزور وهي تجول كالاسد وتقول:

نحن بنات تبع وحمير .. وضربنا في القوم ليس ينكر

لاننا في الحرب نار تسعر .. اليوم تسقون العذاب الأكبر

قال فلما سمع بطرس ذلك من قولها ورأى حسنها وجمالها قال لها: يا عربية اقصري عن فعالك فاني مكرمك بكل ما يسرك أما ترضين أن أكون أنا مولاك وأنا الذي تهابني أهل النصرانية ولي ضياع ورساتيق وأموال ومواشي ومنزلة عند الملك هرقل وجميع ما أنا فيه مردود إليك أما ترضين أن تكوني سيدة أهل دمشق فلا تقتلي نفسك فقالت له: يا ملعون ويا ابن ألف ملعون والله لئن ظفرت بك لاقطعن رأسك والله ما أرضى بك أن ترعى لي الإبل فكيف ارضاك أن تكون لي كفؤا قال فلما سمع كلامها حرض أصحابه على القتال وقال أترون عارا أكبر من هذا في بلاد الشام أن النسوة غلبنكم فاتقوا غضب الملك قال فافترق القوم وحملوا حملة عظيمة وصبر النساء لهم صبر الكرام فبينما هم على ذلك إذ أقبل خالد بن الوليد رضي الله عنه ومن معه من المسلمين ونظروا إلى الغبار وبريق السيوف فقال لأصحابه: من يأتيني بخبر القوم فقال رافع بن عميرة الطائي أنا آتيك به قال ثم أطلق جواده حتى أشرف على النسوة وهن يقاتلن قتال الموت قال فرجع وأخبر خالدا بما رأى فقال خالد: لا أعجب من ذلك انهن من بنات العمالقة ونسل التبابعة وما بينهن وبين تبع إلا قرن واحد وتبع بن بكر بن حسان الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ظهوره وشهد له بالرسالة قبل أن يبعث وقال:

شهدت بأحمد إنه رسول .. من الله بارىء كل النسم

وأمته سميت في الزبور .. بأمة أحمد خير الأمم

فلو مد عمري إلى عصره .. لكنت وزيرا له وابن عم

وطلب خالد من الجند أن يتفرقوا حتى وأحس النساء بقرب الفرج فشد ذلك من عزمهن ، وانطلق ضرار وأخته فقتلا بولص . ويؤسر ضرار وهو متجه إلى أجنادين بأمر خالد بن الوليد الذي يحاصر دمشق بعد سهم أصاب عضده ووصل الخبر إلى خالد أن ضرار قد أسر بيد الروم وانه قتل من الروم خلقا كثيرا فعظم ذلك على خالد وقال في كم العدو قالوا: اثني عشر ألف فارس ويبقى خالد من يحل مكانه في حصار دمشق ويتجه إلى إنقاذ ضرار ، ويلحظ خالد فارسا على فرس طويل وبيده رمح طويل وهو لا يبين منه إلا الحدق والفروسية تلوح من شمائله وعليه ثياب سود وقد تظاهر بها من فوق لامته وقد خرم وسطه بعمامة خضراء وسحبها على صدره ومن ورائه وقد سبق أمام الناس كأنه نار ، وقد حمل على عساكر الروم كأنه النار المحرقة فزعزع كتائبهم وحطم مواكبهم ثم غاب. وظن الناس أن الفارس خالد ويخاطب خالد الفارس فلم يفصح فيقول الناس أيها الرجل الكريم أميرك يخاطبك وأنت تعرض عنه اكشف عن اسمك وحسبك لتزداد تعظيما فلم يرد عليهم جوابا ، ويحك لقد شغلت قلوب الناس وقلبي بفعلك من أنت قال فلما لج عليه خالد خاطبه الفارس من تحت لثامه بلسان التأنيث وقال إنني يا أمير لم أعرض عنك إلا حياء منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور وإنما حملني على ذلك إني محرقة الكبد زائدة الكمد فقال لها: من أنت قالت: أنا خولة بنت الأزور المأسور بيد المشركين أخي وهو ضرار وإني كنت مع بنات العرب وقد أتاني الساعي بأن ضرار أسير فركبت وفعلت ما فعلت قال خالد: نحمل بأجمعنا ونرجو من الله أن نصل إلى أخيك فنفكه وبحمل خالد بالناس وحملت خولة أمامه وعظم على الروم ما نزل بهم من خولة بنت الأزور وقالوا: إن كان القوم كلهم مثل هذا الفارس فما لنا بهم من طاقة ولما حمل خالد ومن معه إذا بالروم قد اضطربت جيوشهم 0 ويمن الله بالنصر وتطلب أخاها فلم تجده فلقد أرسله قائد الروم وردان مع مائة من الفرسان لحمص . ويرسل خالد رافع بن عميرة مع سلة من الجند لإنقاذ ضرار وترجوه خولة أن تكون بينهم فأرسلها ، لتسير خلف القوم ولا تختلط بهم ، وقرب السلمية يعسكر رافع فقد سبق جند الروم ويكمن عند وادي الحياة . ويهرب جند الروم ويعود ضرار سالم.

ومن شعرها رضي الله عنها

وَلَم أنسَ إِذ قالوا ضرارٌ مقيّدٌ .. تَركناهُ في دارِ العدوّ ويمّمنا

فَما هذهِ الأيّام إلّا معارةً .. وَما نَحنُ إلّا مثل لفظٍ بلا معنى

أَرى القلبَ لا يختارُ في الناس غيرهم .. إِذا ما ذكرهم ذاكرٌ قلبي المضنى

سلامٌ عَلى الأحبابِ في كلّ ساعةٍ .. وَإِن بَعُدوا عنّا وإن مُنعوا منّا

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــ

فتوح الشام – الواقدي (1/ 47)

الدر المنثور في طبقات ربات الخدور (ص: 184)

الأعلام للزركلي (2/ 325)

معجم الشعراء العرب (ص: 1246)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق