الاثنين، 3 أغسطس 2015

بعض من وفاء وذكاء النساء

بعض من وفاء وذّكاء النساء
وفي ظني غالب النساء أوفى من غالب الرجال
قال الأصمعي : خرج سليمان بن عبد الملك ومعه سليمان بن المهلّب بن أبي صفرة من دمشق متنزّهين، فمرّا بالجبانة، وإذا امرأةٌ جالسةٌ على قبرٍ تبكي، فهبّت الرّيح، فرفعت البرقع عن وجهها، فكأنّها غمامةٌ جلت شمساً، فوقفنا متعجّبين ننظر إليها، فقال لها ابن المهلّب: يا أمة الله، هل لك في أمير المؤمنين بعلاً؟ فنظرت إليهما، ثمّ نظرت إلى القبر، وقالت:
فإن تسألاني عن هواي، فإنّه ... بملحود هذا القبر، يــــــا فتيان
وإنّي لأتسحييه والتّرب  بيننا ... كما كنت أستحييه وهو يراني
وقال الأصمعي أبضاً خرجت إلى مقابر البصرة، فإذا أنا بامرأةً على قبرٍ، من أجمل النّساء، وهي تندب صاحبه
وتقول:
هل أخبر القبر ســــــائليه   *      أم قرّ عيناً بزائريــــــــه
أم هل تراه أحــــاط علماً    *     بالجســــــد المستكين فيه
يـــــا جبلاً كان ذا امتناعٍ    *     وطوداً عـــــــــــد لآمليه
يــــــا نخلةً طلعها نضيد    *     يقرب مــــن كفّ مجتنيه
يا موت ماذا أردت منّي    *     حقّقت مــــــــا كنت أتّقيه
دهرٌ رمــــاني بفقد إلفي    *    أذمّ دهري وأشــــــــــتكيه
أمّنك الله كلّ خـــــــوفٍ    *     وكلّ مــــــــــا كنت تتّقيه
أســـــكنك الله في جنانٍ    *     تكون أمناً لســــــــــاكنيه
قال، فقلت لها: يا أمة الله، ما هذا منك؟ قالت: لو أعلمك مكانك ما أنشدت حرفاً، هذا زوجي وسروري وأنسي، والله لا زلت هكذا أبداً أو ألحق به.
قلت لها: أعيدي عليّ الشّعر.
فقالت: هذا من ذاك. فقلت خذي إليك. وأنشدتها الأبيات، فقالت فإن يكن في الدّنيا الأصمعي فأنت هو.
أخبار النساء لابن الجوزي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق