فطنوا ولم يفطن عمر رضي الله عنه
عندما يحل البلاء إعلم أن الكل موكول به السعي لرفعه
ولا يحق لأحد قوله لا يعنيني
ربما كان كشف البلاء بتوبة فردية أوجماعية
وربما بإحداث تغير لسلوك ننال به الله
ولتعلم أن شدة الابتلاء ووطأته قد تشغل عقول العقلاء والصلحاء عن سبيل الخلاص
فلقد قطحت المدنية المنورة على صاحبها الصلاة والسلام حتى بلغ الناس جهد عظيم
فهزل المال، بين أيدي الناس وحتى نال البهائم الضنك
أهل بيت من مزينة من أهل البادية قالوا لرب أسرتهم : قد بلغنا غاية الجهد ، فاذبح لنا شاة
قال: ليس فيهن شيء، فلم يزالوا به حتى ذبح لهم شاة، فسلخ عن عظم أحمر
صعب عليه ما رأى فنادى: يا محمداه! فأري فيما يرى النائم ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتاه، فقال:
أبشر بالحياة! إإئت عمر فأقرئه مني السلام، وقل له: إن عهدي بك وأنت وفي العهد، شديد العقد، فالكيس الكيس يا عمر!
فجاء حتى أتى باب عمر
فقال لغلامه: استاذن لرسول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فأتى عمر فأخبره، ففزع
وقال لغلامه :رأيت به مسا! قال: لا، قال: فأدخله، فدخل فأخبره الخبر، فخرج فنادى في الناس، وصعد المنبر ، وقد خشي سيدنا عمر رضي الله عنه من أمر أحدثه فحدا به أن يعاتبه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال للناس :
أنشدكم بالذي هداكم للإسلام، هل رأيتم مني شيئا تكرهونه! قالوا: اللهم لا، قالوا: ولم ذاك؟ فأخبرهم، ففطنوا ولم يفطن عمر رضي الله عنه
فقالوا: إنما استبطأك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستسقاء، فاستسق بنا، فنادى في الناس، فقام فخطب فأوجز، ثم صلى ركعتين فأوجز، ثم قال:
اللهم عجزت عنا أنصارنا، وعجز عنا حولنا وقوتنا، وعجزت عنا أنفسنا، ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم فاسقنا، وأحي العباد والبلاد!
فَلَمَّا فَرَغَ وَرَجَعَ للرجل وأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا أَرَدْتُ اللَّهَ وَمَا قَبْلَهُ، فَلا تُدْخِلْ عَلَيَّ الدُّنْيَا، فَقَالَ: خُذْهَا فَلا بَأْسَ بِذَلِكَ إِذْ لَمْ تَطْلُبْهُ، فَأَبَى
فَقَالَ: خُذْهَا فَإِنِّي
وخرج سيدنا عمر لخارج المدينة فدعا واستغاث الله متوسلا بالعباس رضي الله عنه عم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد أخرجه معه فلم يلبث الناس إلا وقد سقوا
- تاريخ الطبري (4/ 99)
- الكامل في التاريخ – ابن الأثير الجزري(2/ 375)
- البداية والنهاية - ابن كثير(7/ 91)
الأحد، 30 أغسطس 2015
فطنوا ولم يفطن عمر رضي الله عنه
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق