الثلاثاء، 29 نوفمبر 2022

التاريخ علم وفضيلة من عجائب الفراسة عند العرب - الخليفة المكتفي . تتمة

 صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
التاريخ علم وفضيلة
من عجائب الفراسة عند العرب - الخليفة المكتفي . تتمة
قَالَ الْحُسَيْن بن الْحسن بن أَحْمد بن يحيى الواثقي قَالَ كَانَ جدي يتقلد شرطة بَغْدَاد للمكتفي بِاللَّه فَعمل اللُّصُوص فِي أَيَّامه عملة عَظِيمَة فَاجْتمع التُّجَّار وتظلموا إِلَى المكتفي بِاللَّه فألزمه بإحضار اللُّصُوص أَو غَرَامَة المَال فتحير حَتَّى كَانَ يركب وَحده وَيَطوف بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار إِلَى أَن اجتاز يَوْمًا فِي زقاق خَال فِي بعض أَطْرَاف بَغْدَاد فدخله فَوجدَ فِيهِ مُنْكرا وَوجد فِيهِ زقاقاً لَا ينفذ فدخله فَرَأى على بعض أَبْوَاب دور الزقاق شوك سَمَكَة كَبِيرَة وَعظم الصلب وَتَقْدِير ذَاك أَن تكون السَّمَكَة فِيهَا مائَة وَعِشْرُونَ رطلا فَقَالَ لوَاحِد من أَصْحَاب المسالخ وَيحك مَا ترى عِظَام هَذِه السَّمَكَة كم تقدر ثمنهَا قَالَ دِينَار فَقَالَ أهل هَذَا الزقاق لَا تحمل أَحْوَالهم شِرَاء مثل هَذِه السَّمَكَة . لِأَنَّهُ زقاق بَين الاحتلال إِلَى جَانب الصَّحرَاء لَا ينزله من مَعَه شَيْء يخافه أَو لَهُ مَال ينْفق مِنْهُ مثل هَذِه النَّفَقَة وَمَا هِيَ إِلَّا بلية يجب أَن يكْشف عَنْهَا فاستبعد الرجل هَذَا وَقَالَ هَذَا فكر بعيد فَقَالَ اطْلُبُوا امْرَأَة من الدَّرْب أكلمها فدق بَابا غير الْبَاب الَّذِي عَلَيْهِ الشوك واستسقى مَاء فَخرجت عَجُوز ضَعِيفَة فَمَا زَالَ يطْلب شربة بعد شربة وَهِي تسقيهم والواثقي فِي خلال ذَلِك يسْأَل عَن الدَّرْب وَأَهله وَهِي تخبره غير عارفة بعواقب ذَلِك إِلَى أَن قَالَ لَهَا فَهَذِهِ الدَّار من يسكنهَا وَأَوْمَأَ إِلَى الَّتِي عَلَيْهَا عِظَام السّمك فَقَالَت وَالله مَا نَدْرِي على الْحَقِيقَة من سكانها إِلَّا أَن فِيهَا خَمْسَة شباب أعفار كَأَنَّهُمْ تجار قد نزلُوا مُنْذُ شهر لَا نراهم يخرجُون نَهَارا إِلَّا كل مُدَّة طَوِيلَة وَأَنا نرى الْوَاحِد مِنْهُم يخرج فِي الْحَاجة وَيعود سَرِيعا وهم طول النَّهَار يَجْتَمعُونَ فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ ويلعبون بالشطرنج والنرد وَلَهُم صبي يخدمهم وَإِذا كَانَ اللَّيْل انصرفوا إِلَى دَار لَهُم فِي الكرخ وَيدعونَ الصَّبِي فِي الدَّار يحفظها فَإِذا كَانَ سحرًا بلَيْل جاؤوا وَنحن نيام لَا نعقل بهم وَقت مجيئهم قَالَ فَقطع الْوَالِي استسقاء المَاء وَدخلت الْعَجُوز وَقَالَ للرجل هَذِه صفة لصوص أم لَا فَقَالَ توكلوا بحوالي الدَّار ودعوني على بَابهَا قَالَ وأنفذ فِي الْحَال واستدعى عشرَة من الرِّجَال وأدخلهم إِلَى سطوح الْجِيرَان ودق هُوَ الْبَاب فجَاء الصَّبِي فَفتح فَدخل وَالرِّجَال مَعَه فَمَا فاتهم من الْقَوْم أحد وَحَملهمْ إِلَى مجْلِس الشرطة وقررهم فَكَانُوا هم أَصْحَاب الْخِيَانَة بِعَينهَا ودلوا على بَاقِي أَصْحَابهم فَتَبِعهُمْ الواثقي وَكَانَ يفتخر بِهَذِهِ الْقِصَّة .
وللموضوع تتمة بإذن الله
يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــــــــــــــ
الأذكياء – ابن الجوزي (ص: 58)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق