الأحد، 13 نوفمبر 2022

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

التاريخ علم وفضيلة

ومن فروع الفراسة علم قيافة الأثر ، وعلم قيافة البشر – تتمة

 علم القيافة 

وهو علم باحث عن تتبع اثار الأقدام والأخفاف والحوافر، في الطرق القابلة للأثر، وهي التي تكون تربة حرة تتشكل بشكل القدم. ونفع هذا العلم بين، إذ القائف يجد بهذا العلم الهراب من الناس، والضوال من الحيوان، بتتبع اثارها وقوامها بقوة الباصرة وقوة الخيال والحافظة، حتى سمعت بعض من اعتنى بهذا العلم، أنهم يفرقون ببين أثر قدم الرجل وأثر قدم المرأة، و بين أثر قدم الشيخ والشاب. ومن اشتهر بها من بني مدلج وخثعم وخزاعة وقريش. والله أعلم بالصواب.

علم قيافة البشر

وهو علم باحث عن كيفية الاستدلال بهيئات الأعضاء في الإِنسان، على الاشتراك بينهما في النسب والولاء، وفي سائر الأخلاق والأحوال. ويختص هذا الاستدلال بقوم من العرب يقال لهم (بنو مدلج)، وآخرين يقال لهم (بنو لهب)، وذلك بمناسبة طبيعة حاصلة فيهم لا يمكن تعلمه. قال بعض الحكماء: خص الله تعالى بذلك العرب، ليكون سبباً لارتداع نسائهم عما يورث شوب نسبهم، وخبث حسبهم، وفساد بذورهم وزرعهم، صيانة للنسبة النبوية، وليكون ذلك شرفاً لنبيه، صلى الله عليه وسلم. وهذا العلم والذي قبله حاصلان بالحدس والتخمين لا بالاستدلال واليقين. حكي: أن الإمام محمد بن الحسن، والإمام الشافعي، رضي الله عنهما، رأيا رجلاً، فقال محمد: إنه نجار، والشافعي أنه حداد، فسألا عن صنعته، فقال: كنت حداداً والآن نجار. وإنما سميت بقيافة البشر، لكون صاحبه يتتبع بشرات الإنسان وجلوده، وما يتبع ذلك من هيئات سائر الأعضاء، خصوصاً الأقدام. ومبنى هذا العلم، ما ثبت في المباحث الطبية من وجود المناسبة والمشابهة بين الولد ووالديه. وقد تكون تلك المناسبة في الأمور الظاهرة بحيث يدركها كل أحد، وقد تكون في أمور خفية لا يدركها إلا أرباب الكمال. وتدرك هذه المشابهة بمعونة القوة الباصرة والقوة الحافظة، ولهذا اختلفت أحوال الناس في هذا العلم، كمالاً وضعفاً، إلى حيث لا يشتبه عليه شيء أصلاً، بسبب كماله في القوتين. وهذا العلم موجود في قبائل العرب، ويندر في غيرهم، إذ لا يمكن تحصيل هذا العلم وكسبه وتعليمه، بل هو متوارث في اعراق مخصوصة من العرب لا يشاركهم فيه غيرهم ولهذا لهم يقع في هذا العلم تصنيف قل أو جل.  و يروى أن بعضاً من أكابر الفقهاء، رأوا التعويل على أصحاب هذا العلم في تصحيح الانساب، كالشافعي رضي الله عنه، مستشهداً بما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه سر بقول القائف في أسامة بن زيد - وكانا نائمين في قطيفة وقد بدت أقدامهما - أن هذه الأقدام بعضها من بعض، وإنما سر بذلك لما أن المشركين طعنوا في نسبه. وقال الشافعي، رحمه الله: لولم يكن حجة، لم يسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول القائف. وقال أبو حنيفة، رحمه الله: سروره لأجل الزام المشرك بما هو حجة عندهم لا أنه حجة قطعية في نفس الأمر.

الرسائل الأدبية – الجاحظ (ص: 494)

العقد الفريد (3/ 278)

خاصةمفتاح السعادة ومصباح السيادة (1/ 328)

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق