الثلاثاء، 15 نوفمبر 2022

طيور العرب الخرافية " طائر الرخ " تتمة

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

طيور العرب الخرافية " طائر الرخ " تتمة

طائر جاء ذكره في قصة السندباد وحكايات ألف ليلة وليلة ، وهو طائر عظيم الخلقة إذا طار غطى عين الشمس . وأخبار الرخ كثيرة في المؤلفات العربية . قال الأنطاكي حجمه كالجمل وأرفع منه . يغرق المراكب ويبيض على البر بيضة كالقبة . وذكر الدمشقي أن ريشه يستقدم من عدن .

ويقول الدميري : الرّخ: بالخاء المعجمة في آخره طائر في جزائر بحر الصين يكون جناحه الواحدة عشرة آلاف باع، ذكره الجاحظ وأبو حامد الأندلسي قال: وقد كان وصل إلى أرض المغرب رجل من التجار ممن سافر إلى الصين وأقام بها مدة وكان عنده أصل ريشة من جناحه، كانت تسع قربة ماء وكان يقول: إنه سافر مرة في بحر الصين فألقتهم الريح إلى جزيرة عظيمة فخرج إليها أهل السفينة ليأخذوا الماء والحطب، فرأوا قبة عظيمة أعلى من مائة ذراع، ولها لمعان بريق فعجبوا منها فلما دنوا منها إذا هي بيضة الرخ، فجعلوا يضربونها بالخشب والفؤوس والحجارة حتى انشقت عن فرخ كأنه جبل، فتعلقوا بريشة من جناحه فجروه، فنفض جناحه، فبقيت هذه الريشة معهم وخرج أصلها من جناحه، ولم يكمل بعد خلقه فقتلوه وحملوا ما قدروا عليه من لحمه وقد كان بعضهم طبخ بالجزيرة قدرا من لحمه، وحركها بعود حطب ثم أكلوه. وكان فيهم مشايخ فلما أصبحوا إذ هم قد اسودت لحاهم ولم يشب بعد ذلك من أكل من ذلك الطعام. وكانوا يقولون:

إن ذلك العود الذي حركوا به القدر من عود شجرة النشاب، قال: فلما طلعت الشمس، إذا بالرخ قد أقبل في الهواء كأنه سحابة عظيمة في رجله حجر كالبيت العظيم أكبر من السفينة فلما حاذى السفينة ألقى ذلك الحجر بسرعة فوقع الحجر في البحر وسبقت السفينة ونجاهم الله تبارك وتعالى بفضله ورحمته.

وذكر ابن بطوطة قال : ولما كان في اليوم الثالث والاربعين ظهر لنا بعد طلوع الفجر جبل في البحر بيننا وبينه نحو عشرين ميلا والريح تحملنا الى صوبه، فعجب البحرية، وقالوا: لسنا بقرب من البر، ولا يعهد في البحر جبل، وان اضطرتنا الريح اليه هلكنا، فلجأ الناس الى التضرّع والإخلاص وجدّدوا التوبة، وابتهلنا الى الله بالدعاء وتوسلنا بنبيه صلى الله عليه وسلم، ونذر التجار الصدقات الكثيرة، وكتبتها لهم في زمام بخطي، وسكنت الريح بعض سكون، ثم رأينا ذلك الجبل عند طلوع الشمس قد ارتفع في الهواء وظهر الضوء فيما بينه وبين البحر فعجبنا من ذلك، ورأيت البحرية يبكون، ويودع بعضهم بعضا. فقلت: ما شأنكم؟ فقالوا: إن الذي تخيلناه جبلا هو الرّخ، وان رءآنا أهلكنا، وبيننا إذ ذاك وبينه أقل من عشرة أميال، ثم إن الله تعالى منّ علينا بريح طيبة صرفتنا عن صوبه فلم نره ولا عرفنا حقيقة صورته

ومما قيل قديما عن الرخ شعراً :

وأرسينا وكل فا ... رح جذلان مسرور

وكل بوصول البـ ... رملء النفس محبور

وقلنا هذه الهند ... وفيها الخير موفور

ولاحت قبة يلمـ ... ـع في أطرافها النور

وأما تلكم القبـ ... ـة إن شئتم لها خبرا

فليست قبة حقا ... ولا طينا ولا صخرا

ولكن بيضة الرخ ... فقلنا كلنا عذرا

أهذي بيضة يا شيـ ... ـخ أم تخبرنا هترا

فقال الشيخ غضبان ... بصوت جد محزون

لقد كنتم جميعًا قلـ ... تم سوف تطيعوني

وهأنتم أولاء الآ ... ن سمع الأذن تعصوني

وقد أخبرتكم حقا ... ففي ماذا تماروني؟

فقلنا كلنا عفوًا ... فهذي قبة عجب

فقال لنا إذن هيا ... لتذهب عنكم الريب

فقولي وإله الخلـ ... ق لا زور ولا كذب

فقلنا كلنا شتا ... ن بيض الطير والقبب

وسرنا كلنا ماذا الذي ... يبدو على الرمل

عظيمًا يشبه القبة ... في التدوير والشكل

أهذي بيضة؟ تبدو ... لنا في الحجم كالتل

"كذوب أنت يا شيخ! ... يمينًا صادق قولي"

"أيا قوم اسمعوا إن الـ ... ـذ قد قلته حق"

إذن فلنكسر البيضـ ... ـة كيما يظهر الصدق!

"ألا لا تفعلوا ذلك فهـ ... ـو الطيش والحمق

فإن الرخ طير ها ... ئل أنيابه زرق"

وقلت لهم أطيعوا الشيـ ... ـخ قالوا إنه كذبا

فإن تك بيضة حقا ... كسرناها. "فواحربا

لكم أن قدم الرخ ... لسوف يذيقكم عطبا"

وقلت لهم أطيعوا الشيـ ... ـخ قالوا الشيخ لا قربا

أطيعوني أطيعوني ... وهيا نبحر الآنا

فإن كسرتم البيضـ ... ـة جاء الرخ غضبانا

فقالوا هات يا شيخ ... على قولك برهانا

فقال الشيخ "قد ضعنا ... فيا مولاى غفرانا"

وجاءوا ذا بكفيه ... قدوم ثم ذا فاس

وهذا عنده القعر ... وهذا عنده الراس

فتحطيم وتكسير ... وقال الشيخ "يا ناس

فعلتم فعلة نكرا ... ء إن الرخ فراس"

ولما كسروا البيضـ ... ـة حتى ظهر الفرخ

تنادوا صدق الشيخ! ... ألا قد صدق الشيخ!

وكذبناه لما كا ... ن بالنصح لنا يسخو

فيا بؤسي لنا ضعنا ... إذا أدركنا الرخ

وقال الشيخ قد جئتم ... بفعل شائن نكر

وكذبتم مقالي إنـ ... ـني بالبحر ذو خبر

فهيا الآن هيا الآ ... ن يا قومي إلى البحر

لعل الله ينجينا ... متى الريح بنا تجري

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــ

حياة الحيوان الكبرى - الدميري

تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب والعجاب الأنطاكي

رحلة ابن بطوطة (4/ 157)

نزهة الأمم في العجائب والحكم ابن إياس

المرشد إلى فهم أشعار العرب (1/ 143)

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق