الجمعة، 22 أبريل 2022

رمضانيات وحكايا من هنا وهناك قيل في شهر رمضان من أحمد شوقي من مقالات الناس لنا وقفة

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

رمضانيات وحكايا من هنا وهناك

قيل في شهر رمضان

من أحمد شوقي من مقالات الناس لنا وقفة

شهر رمضان المبارك من الأشهر التي يحصي الناس على اختلافهم أيامه وبدقة . ومنذ بدايته يقال لسى 29 يوم

وينسب أهل المعرة القول لبدوي صام أول أيامه وقال هـ الله هـ الله يا رمضان بقي فيك عشرتين وتسع وتالي هلنهار

حتى يبعدوا التذمر عن أنفسهم .

ليس من شك أنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن وأنه شهر الرحمة والمغفرة فمن تذوق حلاوة الطاعة كان الشهرة مناسبة ذات أهمية في حياته فصيامنا الشهر هو أولا وآخراً طاعة لمن فرضه علينا فأنا والله أصوم سواء كان للصيام فائدة أم لا أصوم لأن الله رب من فرضه عليه وكذلك أصلي وبغض النظر عن الفائدة ، أصلي طاعة لرب العالمين وكذلك الحال في فرض الله علي من عبادات ومن سنن صحيحة سنها نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام . لا أشغل نفسي بالبحث عن الحكمة من العبادات أفعلها طاعة لربي ومن ثم إن تبيت الحكمة فلن تزيدني شيئا في اعتقادي بأن عبد مخلوق لله أتشرف بعبوديته

وأتشرف أني من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم .

ومع كل هذا يبقى الناس بين متذمر ومحب . ومن الأمثال : ولك يا ضْعِيفْ الحال جاك رمضان . وهو مثل يظهر حال الفقراء " فالعشر الأولى توهن اللحم . والثانية تضعف العظم . والثالثة يصل تأثيره للدم

ومثل الأمثال : بس عشر بشر وبس نصَّص راح

وفي بلاد الشام انتشرت عادة وداع الشهر الفضيل منها

يا رفاقي ودعوا شهر الصيام***بدموع فائضات كالغمام

واسألوا الله قبولاً في الختام***ونوال الخير مع نيل المرام

ومن معرة النعمان

شهر رمضان لما بدا يودعوا حزنت عليه المآذن والجوامعُ

فهل أنت يا رمضان إلينا راجعوا في كل عام بالسلام

ويردد المجموع

يا شهرنا هذا عليك السلام

يا رب يا رحمن تقضي حاجتي والله ما كان الفراق بإرادتي

فابكوا عليه بدمعكم يا سادتي أيامه ذهبت وما نلنا المرام

يا شهرنا هذا عليك السلام

يا سامع الأصوات يا ربنا أعد علينا شهرنا بالهنا

واقض لنا مالنا واسقنا من حوضك المورود يوم الزحام

يا شهرنا هذا عليك السلام

يا رب أختم بالضحى وألم تر واغفر ذنوب الصائمين بما جرى

شهر أتانا به القرآن مبشرا أنزل على محمد خير الأنام

وهكذا يودع شهر القرآن على أمل اللقاء بمشيئة الله تعالى في العام القادم

شوقي رحمه الله وشهر رمضان

لم يكن أحمد شوقي رحمه الله (1868-1932) إلاّ موهبة شعرية وأسطورة متفردة. فاق شوقي فيه أقرانه لمّا أذلّت له المعاني جباهها، وأخضعت له القوافي رقابها، وفتحت له الأوزان أبوابها، حتى وضعه بعض نقاد الشعر في الطبقة الأولى من الشعراء وواحداً من أفضل عشر شعراء في تاريخ الشعر العربي، فبايعه أدباء عصره على لقب "أمير الشعراء" وأقيم مهرجان كبير عام 1927 لتكريمه على هذا اللقب الذي ناله عن استحقاق وبجداره.  ولقد خلف شوقي تراثاً زاخراً من الأدب جمعه في ديوانه الكبير (الشوقيات) وكتب مسرحيات شعرية ونثرية وختمها بتتمة ديوان الشوقيات التي نشرت بعد وفاته عام 1932. وعندما نشر شوقي قصيدته وهي طويلة واستهلها بالبيت:

رَمَضانُ وَلّى هاتِها يا ساقي  ..  مُشتاقَةً تَســـعى إِلى مُشتاقِ

اللَهُ غَفّارُ الــذُنوبِ جَميعِها  .. إِن كانَ ثَمَّ مِنَ الذُنوبِ بَواقي

تعرّض رحمه الله إلى كَمٍ من الهجومات والتجريحات ، بل وصل الأمر إلى أن اتهمه البعض في دينه ، وأقل معارضيه انتقاداً هو من اعتبر هذه الأبيات عثرة قدم أو كبوة فرس أو زلّة لسان لا تليق بمثله، فكيف يفرح بانتهاء شهر رمضان وينادي الساقي بأن يسقيه خمراً اشتاق إليها.

وكان الشعراوي في مقتبل سن الشباب، ومن أشد المعجبين بشوقي وشعره، فلما نشرت الصحف هذه القصيدة، غضب الشعراوي من شوقي لأنه أحبَّه وأحبَّ قصائده الدينية والوطنية، فدفعه حبه له وغيرته على دين الله أن يسافر للقاهرة ويسعى للقاء شوقي، فلما التقى به في كازينو "عِش البلبل" في شارع الهرم، سأل الشاعرُ الطالبَ عما يحفظه عنه، فذكر له قصائد عديدة، فسأله: ما الذي دفعك إلى هذا؟ فقال له: إن والدي كان يمنحني مبلغاً من المال عن كل قصيدة احفظها لك. فتبسم شوقي مرحّباً، فقال له الشعراوي : إن لي عتاباً عليك، فسأله: فيم العتاب؟ قال: قصيدة "رمضان ولىّ هاتها يا ساقي" فضحك شوقي كثيراً ثم سأله: أتحفظ القرآن؟ "بالطبع احفظه" اجاب الشعراوي، فسأله شوقي: "فماذا يقول الله في أواخر سورة الشعراء ؟" قال يقول الله: " والشعراء يتّبعهم الغاوون ألم تَر أنهم في كل وادٍ يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون"، فما كان من شوقي إلاّ أن قال له: "إذن نحن الشعراء نقول ما لا نفعل" ... فكان رد شوقي مفحماً. وبعد نشر هذه القصيدة بستة أشهر مات شوقي رحمه الله. إلاّ أن أشهر قصيدة جمالاً وأدباً وشعرًا وعتابًا وفكرةً في نظري هي القصيدة التي نظّمها د. جابر قميحة أستاذ الأدب العربي في جامعة عين شمس بمصر بعنوان: "لا يا أمير الشعر".

يقول في أولها:

رمضانُ ودَّع وهو في الآماق ... يا ليته قد دام دون فراقِ
ما كان أقصَرَه على أُلاَّفِه ... وأحبَّه في طاعةِ الخلاق
زرع النفوسَ هدايةً ومحبة ... فأتى الثمارَ أطايبَ الأخلاق
"اقرأ" به نزلتْ، ففاض سناؤُها ... عطرًا على الهضبات والآفاق
ولِليلةِ القدْر العظيمةِ فضلُها ... عن ألفِ شهر بالهدى الدفَّاق
فيها الملائكُ والأمينُ تنزَّلوا ... حتى مطالعِ فجرِها الألاق
في العامِ يأتي مرةً لكنّه ... فاق الشهورَ به على الإطلاق
شهرُ العبادةِ والتلاوةِ والتُّقَى ... شهرُ الزكاةِ، وطيبِ الإنفاق
لا يا أمير الشِّعر ما ولَّى الذي ... آثاره في أعمقِ الأعماق
نورٌ من اللهِ الكريمِ وحكمةٌ ... علويةُ الإيقاعِ والإشراق
فالنفسُ بالصوم الزكي تطهرتْ ... مِن مأثم ومَجانةٍ وشقاقِ
لا يا أميرَ الشعر ليس بمسلمٍ ... مَن صامَ في رمضانَ صومَ نفاقِ
فإذا انتهتْ أيامُه بصيامِها ... نادى وصفَّق هاتها يا ساقي

ويختمها بلوم وعتاب لشوقي قائلاً:

واسمع: أيا من أمَّروهُ بشعره ... ليس الأميرُ بمفسدِ الأذواق
إن الإمارةَ قدوةٌ وفضيلةٌ ... ونسيجُها من أكرمِ الأخلاق
والشعرُ نبضُ القلبِ في إشراقِهِ ... لا دعوةٌ للفسقِ والفسَّاق
والشعر من روح الحقيقة ناهلٌ ... ومعبِّرٌ عن طاهرِ الأشواقِ
فإذا بَغَى الباغي بدتْ كلماتُه ... كالساعِرِ المتضرِم الحرَّاق
وإذا دعتْه إلى الجمال بواعثٌ ... أزْرى على زريابَ أو إسحاقِ
لكنه يبقى عفيفًا طاهرًا ... كالشّهدِ يحلو عند كلِّ مذاقِ
إن يمْضِ عشنا أوفياءَ لذكِره ... ويظلُّ فينا طيّبَ الأعْراقِ

رحمه الله شوقي فلا أحد يشك في دينه



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق