الجمعة، 15 أبريل 2022

الخيزران صورة من نساء السلف ، وبصمة تاريخ

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الخيزران صورة من نساء السلف ، وبصمة تاريخ

الخيزران، زوجة المهديّ العباسي، وأمّ ابنيه الهادي وهارون الرشيد: ملكة حازمة متفقهة. يمانية الأصل ، وقيل هي بربرية أخذت الفقه عن الإمام الأوزاعي. وكانت من جواري المهديّ، وأعتقها وتزوجها. وكانت الخيزران في خلافة ولدها موسى الهادي كثيرا ما تكلمه في الحوائج، فكان يجيبها إلى كل ما تسأله حتى مضى لذلك أربعة أشهر من خلافته، وانثال الناس عليها، وطمعوا فيها، فكانت المواكب تغدو إلى بابها، قَالَ: فكلمته يوما في أمر لم يجد إلى إجابتها إليه سبيلا، وقيل فزجرهم عن ذلك، وكلمها بكلام فج، وقال: لئن وَقَفَ بِدَارِكِ أَمِيرٌ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ، أَمَا لَكِ مغزل يشغلك، أَوْ مُصْحَفٌ يُذَكِّرُكِ، أَوْ سِبْحَةٌ؟ فَقَامَتْ مَا تَعْقِلُ مِنَ الْغَضَبِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ بَعَثَ إِلَيْهَا بِطَعَامٍ مَسْمُومٍ، فَأَطْعَمَتْ مِنْهُ كَلْبًا فَانْتَثَرَ، فَعَمِلَتْ عَلَى قَتْلِهِ لَمَّا وَعِكَ، بِأَنْ غَمُّوا وَجْهَهُ بِبِسَاطٍ جَلَسُوا عَلَى جَوَانِبِهِ، وَكَانَ يُرِيدُ إِهْلاكَ الرَّشِيدِ لِيُوَلِّيَ الْعَهْدَ وَلَدَهُ، صَغِيرٌ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ. وهَلَكَ الْخَلِيفَةُ مُوسَى الْهَادِي مِنْ قُرْحَةٍ أَصَابَتْهُ فِي جَوْفِهِ، وَقِيلَ: سَمَّتْهُ أمُّه الْخَيْزُرَان لَمَّا أَجْمَعَ قَتْلَ أَخِيهِ الرَّشِيدِ،

ومن أخلاقها حَدَّثَ أَبُو الفضل بْن الربعي قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قال: سأل رجل الخيزران حاجة ثُمَّ أرسل إليها بهدية فأجابته: إن كَانَ مَا وجهت به من هديتك ثمنا لرأيي فيك فلقد بخستني القيمة، وإن كَانَ استزادة فقد استغششتني في المودّة وردتها عليه. وقد حكى نحوه أَبُو بكر الصولي فَقَالَ: لما ولي مُحَمَّد بْن سليمان البصرة أهدى إِلَى الخيزران مائة وصيف بيد كل وصيف جام من ذهب مملوء مسكا. فقبلت ذلك، أو كتبت إِلَيْهِ: عافاك اللَّه إن كَانَ مَا وصل إلينا منك ثمن رأينا فيك، فقد بخستنا فِي القيمة، وإن كَانَ وزن مثلك إلينا فظننا بك فوقه. وَقَدِ اشْتَرَتِ الدَّارَ الْمَشْهُورَةَ بِهَا بِمَكَّةَ الْمَعْرُوفَةَ بِدَارِ الْخَيْزُرَانِ، فَزَادَتْهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وهي دار الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه حيث كان يختبئ المسلمون فِي أَسْفَلِ الصَّفَا حِينَ أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. عرفت بعدها بدار الخيزران . وهي من النساء اللواتي ولدن خليفتين فأولادها موسى الهادي وهارون الرشيد . قال فيها مروان بن أبي حفصة:

يا خيزران هناك ثم هناك ... أمسى يسوس العالمين ابناك

حجّت وأنفقت أموالا كثيرة في الصدقات وأبواب البر. وتوفيت ببغداد، فمشى الرشيد في جنازتها وعليه طيلسان أزرق وقد شدّ وسطه بحزام، وأخذ بقائمة التابوت، حافيا يخبّ في الطين، حتى أتى مقابر قريش فغسل رجليه وصلى عليها ودخل قبرها وتصدّق عنها بمال عظيم . وكانت وفاتها سنة 173 هـ - 789 م)  رحمها الله تعالى .

ـــــــــــــــ

تاريخ الطبري (8/ 205)

المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (8/ 347)

الكامل في التاريخ – ابن الأثير (5/ 267)

تاريخ الإسلام – الإمام الذهبي (4/ 286)

تاريخ الخلفاء – للسيوطي (ص: 210)

الأعلام للزركلي (2/ 328)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق