السبت، 26 فبراير 2022

لولا الجرادة ما وقع عصفور ومن حكاياتهم لنا عبرة

 صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

لولا الجرادة ما وقع عصفور

ومن حكاياتهم لنا عبرة

القضية قضية من يغرر بهم فينقادوا كإمعة ليسوقوا التهلكة لهم وربما لذويهم

يحكى أن رجلا يُدعى عصفور كا نت له زوجة تُدعى جرادة وكانا يعيشان في فقر وعوز . وفي أحد الأيام أشارت الزوجة على رجلها أن يبحث له عن عمل . ولما لم يجد أشارت عليه أن يعمل نفسه ساحرا ويجلس على رصيف الطريق ويحكي ما شاء له من الكلام علّهُ يأتي ببعض النقود في نهاية اليوم ليشتروا بها ما يقتاتون به .

وافق عصفور على رأي زوجته وذهب في اليوم التالي إلى المدينة وجلس على الرصيف وبسط أمامه منديلا ووضع عليه الرمل وأخذ يخط عليه بأصابعه وكأنه يتقن أسرار هذه الصنعة ، فتهافت عليه الناس كل يسأل عن حل لمشكلته ، وهو يلقي الكلام بعفوية وببساطة وكيفما اتفق ، ولكنه كان كثيراً ما يصيب ، ويعود للبيت وقد جمع الكثير من النقود . حتى تحسنت حاله ، واستمر على تلك الحال فترة من الزمن ليكتسب شهرة واسعة ، واكتسب معها الجرأة على العمل . وحدث أن سطت عصابة لصوص على خزانة الملك وسرقوا صندوقين منها . فدعا الملك وزراءه للتشاور واتفقوا على البحث عن ساحر يضرب بالرمل ليكشف عن مكان الصناديق المسروقة . ولما كان عصفور قد اكتسب شهرة واسعة وصلت إلى مسامع الملك وحاشيته أمر بإحضاره وطلب منه الكشف عن مكان الصندوقين واللصوص .

أسقط في يد عصفور ولم يدر ما يعمل فطلب من الملك مهلة لكي يتدبر أمره ويضرب الرمل ويستشير أعوانه فأعطاه الملك أربعين يوما . ولما كان عصفور لا يعرف الحساب ولا العد ، فذهب للسوق واشترى أربعين حبة رمان ليأكل كل ليلة واحدة فيعرف ما تبقى من أيام المهلة . سمع اللصوص وكانوا أربعين لصا فخشوا من افتضاح أمرهم فطلب زعيمهم أن يذهب أحدهم إلى بيت عصفور ويتجسس الأخبار ويسمع ما يقوله عصفور ، وقبل أن ينام عصفور طلب من زوجته رمانة إشعارا بانقضاء أول ليلة من المهلة وعندما أحضرتها قال عصفور هذا واحد من الأربعين وهو يقصد أول يوم من الأربعين يوما . ولما سمع اللص ذلك سقط قلبه في جوفه وظن أن عصفور شعر به وعلم بوجوده . فهرب وعاد إلى زعيمه وأخبره بما سمع وكيف شعر بوجوده دون أن يراه . وفي الليلة الثانية بعثوا لصا آخر ليتجسس أخبار عصفور وعندما أحضرت زوجته له الرمانة قال هذا ثاني واحد من الأربعين وحدث مع الثاني كما حدث مع الأول ودام الحال عدة ليال ولم يرض أحدهم بالذهاب لبيت عصفور فقرر الزعيم الذهاب وفي المساء وحين أحضرت له زوجته الرمانة وكانت كبيرة قال هذا أكبر واحد من الأربعين وقصده حبة الرمانة فظن الزعيم أنه يقصده فعاد وقرر إعادة الصندوقين وتسليم أنفسهم . فسلمهم عصفور للملك وطلب منه تخفيف العقوبة فانتشر الخبر وعمت شهرة عصفور المملكة . وأصبح ساحر القصر بلا منازع . وفي يوم وكانت الملكة حاملا فسألت عصفور أين أضع ؟ ، فاحتار ثم قال :  لا فوق ولا تحت وصعدت الملكة إلى حجرتها وسابقها الطلق فوضعت قبل أن تصل إلى غرفتها فقالت صدق عصفور وكافأته . أما الوزير فقد كان يشك في صدق عصفور ويقول للملك أنه كاذب . وفي يوم سنحت له الفرصة أن يمتحن عصفور ويوقع به . وذلك أن جرادة طارت من مكانها ومرت أمام شرفة القصر وعلى مرأى من الملك وحاشيته فانقض عليها عصفور وابتلعها وكانت كبيرة فوقفت في حلقه ولم يستطع اكمال ابتلاعها فوقع ومات . وكان الوزير يفكر بمكيدة يوقع بها عصفور فقال للملك إن كان ساحرك ماهراً فدعه يخبرنا كيف مات العصفور فأمر الملك بإحضاره وسأله الوزير عن سبب ميتة العصفور فعلم أنها مكيدة وجعل يلوم زوجته التي أشارت عليه وأوقعته بالمأزق فقال وهو يجهش بالبكاء . لولا الجرادة ما وقع عصفور وهو يقصد زوجته ونفسه وظن الملك والوزير أنه يقصد الجرادة التي وقفت في حلق عصفور ففرح الملك لفشل مكيدة وزيره وأمر بمكافأة عصفور الذي كان لا يصدق بالنجاة . وهذا حال من يقع في ورطة أو مأزق نتيجة لاستماعه لمشورة بعض الناس يغررون به ويوقعونه في مواقع الردى والمهالك .

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق