الأربعاء، 13 أكتوبر 2021

أكفر من حمار. ومن حياة من مضى لنا مثل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

أكفر من حمار.

ومن حياة من مضى لنا مثل

هناك صور من حياة الناس تثير الاستغراب أن ترى من يعرف الحق لا بل ويحض عليه ويجانبه . كلنا يؤمن بأن الوطن أمانة وأن الأهل أمانة وخير الناس خيرهم لأهل . ومع هذا ترى من يتفنن بإيذاء أهل والتفريط بوطنه .

كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَبُو دَاوُدَ الْعَطَّارُ نَصْرَانِيًّا. وَكَانَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ. وَكَانَ يَتَطَبَّبُ. فَقَدِمَ مَكَّةَ فَنَزَلَهَا وَوُلِدَ لَهُ بِهَا أَوْلادٌ فَأَسْلَمُوا. وَكَانَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْقُرْآنَ وَالْفِقْهَ. وَوَالَى آلَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. وَكَانَ يَجْلِسُ فِي أَصْلِ مَنَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ قِبَلِ الصَّفَا. ومع هذا كَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فيُقَالُ: أَكْفَرُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. لِقُرْبِهِ مِنَ الأَذَانِ وَالْمَسْجِدِ وَلِحَالِ وَلَدِهِ وكل مسلمون . وَكَانَ يَحُثُّهُمْ عَلَى الأَدَبِ وَلُزُومِ أَهْلِ الْخَيْرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. ودَاوُدُ بْنُ عبد الرحمن قَالَ عنه إِبْرَاهِيمُ الشَّافِعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَوْرَعَ مِنْهُ. وكان راوية ثقة لحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام . وعنه أخذ الإمام الشافعي رحمه الله ، ويتذكر المرء قول الله تعالى : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴿٥٧﴾سورة الكهف .

قال الإمام الذهبي رحمه الله قُلْتُ: أَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ تَمْكِينِ هَذَا النَّصْرَانِيُّ مِنَ الإِقَامَةِ بِحَرَمِ اللَّهِ، فَلَعَلَّهُمُ اضْطَرُّوا إِلَى طِبِّهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْحِكَايَةُ صَحِيحَةٌ.

وهناك من يعبد الله على حرف ( بالمعراوي واقف على لقة ) فتراه يكفر لأوهن سبب عياذا بالله : قال الله تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَ‌ٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴿١١﴾ سورة الفتح .

حمار بن مويلع : هو حمار بن مالك بن نصر الأزدي ، كان مسلما أيام سيدنا هود عليه السلام ، وكان له وادٍ طولُه مسيرة يوم في عرض أربعة فراسخ، لم يكن ببلاد العرب أخصَبُ منه، فيه من كل الثمار، فخرج بنوه يتصَيَّدُون فأصابتهم صاعقة فهلكوا، فكفر، وقَال: لا أعبد مَنْ فَعَلَ هذا ببنىَّ، ودعا قومه إلى الكفر، فمن عَصَاه قَتَلَه، فأهلكه الله تعالى، وأخرب واديه، فضربت به العربُ المثلَ في الكفر، قَال الشاعر:

ألَمْ تَرَ أنَّ حَارِثَةَ بنْ بَدْرٍ ... يُصلِّى وهو أَكفَرُ مِنْ حِمَارٍ

واليوم ترى من ينطق بالحق ويفعل الباطل ولهذا نخن في بلاء

يا رب فرج عن سوريا وأهلها

ــــــ

الطبقات الكبرى – ابن سعد (6/ 42)

الأمثال المولدة – الخوازرمي (ص: 271)

تاريخ الإسلام – الإمام الذهبي (4/ 616)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق