الأحد، 8 نوفمبر 2020

حين تخلص النوايا ويؤخذ بالأسباب ترى الله معك ومن نوادر القدر ، نادرة لقره سنقر

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين تخلص النوايا ويؤخذ بالأسباب ترى الله معك

ومن نوادر القدر ، نادرة لقره سنقر

قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا فِي شَأْنِ الْقَبْضَةِ مِنَ التُّرَابِ، الَّتِي حَصَبَ بِهَا وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، حِينَ خَرَجَ مِنَ الْعَرِيشِ بَعْدَ دُعَائِهِ وَتَضَرُّعِهِ وَاسْتِكَانَتِهِ، فَرَمَاهُمْ بِهَا وَقَالَ: " شَاهَتِ الْوُجُوهُ ". فَأَوْصَلَ اللَّهُ تِلْكَ الْحَصْبَاءَ إِلَى أَعْيُنِ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا نَالَهُ مِنْهَا مَا شَغَلَهُ عَنْ حَالِهِ . ترى هل كان بمقدور النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ذلك . والجواب قطعاً بلا . إلا أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ ما بقدرته من الأسباب ، وكان اتكاله على ربه أولاً وآخراً . فكان الله معه ولم يخذله . ولهذا حين يعي المرء ما يريد وأن ما يريده خالصاً لوجه الله تعالى لا يأبه للنتيجة أياً كانت فهو على خير إن وفق لما يريد أو منع مما يبغي . ومن صور الأحداث في تاريخنا أمثلة لا تحصى .ففي صفر سنة خمسمائة وخمس وثمانين  والمسلمون في حصار عكا على نَهَر يقع جنوبها هو نَهَرُ النعامين ، خرج السلطان الملك العادل يتصيد مطمئن النفس ببعد المنزلة عن العدو فأوغل في الصيد وبلغ ذلك العدو فاخذوا غرة العسكر واجتمعوا وخرجوا يريدون الهجوم على العسكر الإسلامي فأحس بهم الملك العادل فصاح بالناس لمواجهة الفرنجة على أسوار عكا ومن نوادر هذه الواقعة أن مملوكاً كان للسلطان يدعى قره سنقر وكان شجاعاً قد قتل من أعداء الله خلقاً عظيماً وفتك فيهم فأخذوا في قلوبهم من نكايته فيهم وتجمعوا له وكمنوا له وخرج إليه بعضهم وتراؤوا له فحمل عليهم حتى صار بينهم فوثبوا عليه من سائر جوانبه فأمسك واحداً منهم بشعره وضرب الآخر رقبته بسيفه فإنه كان قتل له أقرباء فوقعت الضربة في يد الممسك بشعره فقطعت يده وخلي سبيله فاشتد هارباً حتى عاد إلى أصحابه وأعداء الله يشتدون عدواً خلفه ولم يلحقه منهم أحد وعاد سالماً ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً.

ورحم الله القائل :

مَا أَقْرَبَ الأَشْيَاءَ حِينَ يَسُوقُهَا ... قَدَرٌ وَأَبْعَدَهَا إِذَا لَمْ تُقْدَرِ

وتدبرِ الأمرَ الذي تُعنى به ... لا خيرَ في عملٍ بغيرِ تدبيرِ

ترى هل أخذنا نحن بالأسباب لرفع البلاء عنّا ، حتى ندعي التوكل على الله طالبين الفرج ؟

كُثر من يدعي العمل لوجه الله ، وهو نفسه أحد أسباب البلاء الذي نحن فيه ، يأبى التراجع عن خطأ أوحى به إبليس إليه .

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــــ

حماسة البحتري (ص: 325)

النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية – القاضي بن شداد (ص: 180)

تفسير ابن كثير (4/ 30)

 

قره : تركية وتعني الأسود

سنقر : تركية وتعني الصقر




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق