صَبِيحَةٌ مُبارَكَة
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
البعد عن الصفح والعفو سر من أسرار البلاء
مقولتنا من تسبب لنا في أذى يا نحنا ، يا هوي
ونحن في اصرار على الانتقام ، أقول حين فتح مكة هل انتقم رسول
الله صلى الله عليه وسلم من أحد ؟ معارك جرت والتقى القاتل بقاتل أخيه أو أبيه في
عهد النبي صلى الله عليه وسلم فهل سمعنا عن انتقام ، علما أن أهل مكة لم يدخلوا
الإسلام مباشرة . قال في المستطرف قد ندب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم إلى
الصفح والعفو بقوله تعالى: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ( الحجر 85 ) قيل: هو
الرضا بلا عتب. وقال الله تعالى: خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ
عَنِ ٱلْجَـاهِلِينَ ﴿١٩٩﴾ سورة الأعراف وقال الله تعالى: وَٱلْكَـٰاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ
وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴿١٣٤﴾ سورة آل عمران . وقال
تعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلْأُمُورِ ﴿٤٣﴾
سورة غافر . وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «رأيت قصورا مشرفة على الجنة، فقلت: يا جبريل لمن هذه؟ قال: للكاظمين الغيظ
والعافين عن الناس» . وقال الحسن بن أبي الحسن إذا كان يوم القيامة نادى مناد، من
كان له على الله أجر فليقم، فلا يقوم إلا العافون عن الناس، وتلا قوله تعالى:
فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ . وقال علي بن أبي طالب رضي الله
عنه : أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة. وكان المأمون رحمه الله تعالى يحب
العفو ويؤثره ، ويقول: لقد حبب إليّ العفو حتى أني أخاف أن لا أثاب عليه، وكان
يقول: لو علم أهل الجرائم لذتي في العوف لارتكبوها، وقال: لو علم الناس حبي للعفو
لما . قال الخليفة المنتصر: لذّة العفو أطيب من لذّة التّشفّي وذلك لأن لذة العفو
يلحقها حمد العاقبة، ولذة التشفي يلحقها ذمّ النّدم. وقتل رجل من العرب ابن أخيه
فدفع إليه ليقيده ، فلمّا أهوى بالسيف أرعدت يداه، فألقي السيف من يده وعفا عنه
وقال:
أقول للنّفس تأساء وتعزية ... إحدى يديّ أصابتني ولم ترد
كلاهما خلف من فقد صاحبه ... هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي
ونصر على الانتقام ، فحسبي الله ونعم الوكيل
يا رب فرج عن سورية وأهل سوريا
ـــــــــــــــــــــ
المستطرف في كل فن مستطرف (ص: 196)
كنز العمال (3/ 375)
البصائر والذخائر – التوحيدي (8/ 153)
عيون الأخبار – ابن قتيبة(3/ 100)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق