السبت، 2 سبتمبر 2023

الغناء ومناسباته عند العرب في الجاهلية والإسلام



صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الغناء ومناسباته عند العرب في الجاهلية والإسلام

وللغناء دوافعه ومناسباته في المجتمعات القديمة ، فالدوافع قد تكون اجتماعية كالانتصار على عدو ، أو ولادة شاعر ، وقد تكون دينية ، والرابط بينها الاحساس بالراحة ورخاء العيش ، وبالعزة والقوة . وكانت القبائل تحتمي بشعرائها فكانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها، وصنعت الأطعمة، واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر، كما يصنعون في الأعراس، ويتباشر الرجال والولدان؛ لأنه حماية لأعراضهم، وذب عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم، وإشادة بذكرهم. وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد، أو شاعر ينبغ فيهم، أو فرس تنتج: فممن حمى قبيلته زياد الأعجم، وذلك أن الفرزدق هم بهجاء عبد القيس، فبلغ ذلك زياداً وهو منهم، فبعث إليه: لا تعجل وأنا مهد إليك هدية، فانتظر الفرزدق الهدية، فجاءه من عنده:

فما ترك الهاجون لي إن هجوته ... مصحاً أراه في أديم الفرزدق

ولا تركوا عظماً يرى تحت لحمه ... لكاسره أبقوه للمتعرق

سأكسر ما أبقوا له من عظامه ... وأنكت مخ الساق منه وانتقي

فأنا وما تهدي لنا إن هجوتنا ... لكالبحر مهما يلق في البحر يغرق

فلما بلغته الأبيات كف عما أراد، وقال: لا سبيل إلى هجاء هؤلاء ما عاش هذا العبد فيهم.

وللانتصارات الحربية احتفالاتها الخاصة المميزة ، رقص وشعر وشرب للخمور يشترك فيها النساء والرجال ، وسجلت لنا أشعار العرب جانبا من انتصار العرب على الرومان في القرن الرابع الميلادي .

وهذا أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وبعد أن سلمت العير يقول وهو متجه لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وَاَللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَرِدَ بَدْرًا- وَكَانَ بَدْرٌ مَوْسِمًا مِنْ مَوَاسِمِ الْعَرَبِ، يَجْتَمِعُ لَهُمْ بِهِ سُوقٌ كُلَّ عَامٍ- فَنُقِيمُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَنَنْحَرُ الْجُزُرَ، وَنُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَنُسْقِي الْخَمْرَ، وَتَعْزِفُ عَلَيْنَا الْقِيَانُ  ، وَتَسْمَعُ بِنَا الْعَرَبُ وَبِمَسِيرِنَا وَجَمْعِنَا، فَلَا يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا أَبَدًا بَعْدَهَا، فَامْضُوا.

وفي الحزن أيضا وكأنه لتعزية النفس وتقوية العزيمة أغانيه ، فحين أجلى رسول الله يهود بني النضير عن المدينة قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ حُدِّثَ: أَنَّهُمْ اسْتَقَلُّوا بِالنِّسَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْأَمْوَالِ، مَعَهُمْ الدُّفُوفُ وَالْمَزَامِيرُ، وَالْقِيَانُ يَعْزِفْنَ خَلْفَهُمْ، وَإِنَّ فِيهِمْ لِأُمِّ عَمْرٍو صَاحِبَةَ عُرْوَةَ بْنِ الْوَرْدِ الْعَبْسِيِّ، الَّتِي ابْتَاعُوا مِنْهُ، وَكَانَتْ إحْدَى نِسَاءِ بَنِي غِفَارٍ ، بِزُهَاءِ وَفَخْرٍ مَا رُئِيَ مِثْلُهُ مِنْ حَيٍّ مِنْ النَّاسِ فِي زَمَانِهِمْ.

وللموضوع تتمة غداً بإذن الله

يا رب فرج عن سورية وأهل سورية

ــــــــــــــــ

محاسن الشعر وآدابه – ابن رشيق القيرواني (1/ 65)

جوامع السيرة (ص: 84)






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق