الأحد، 3 سبتمبر 2023

الغناء ومناسباته عند العرب في الجاهلية والإسلام – تتمة


 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الغناء ومناسباته عند العرب في الجاهلية والإسلام – تتمة

وفي تحولت الاحتفالات في شكلها وصبغتها . ومشهور كيف استقبل أهل المدينة النبي صلى الله عليه وسلم فلَمَّا دَخَلَ الْمَدِينَةَ جَاءَتِ الْأَنْصَارُ بِرِجَالِهَا وَنِسَائِهَا، فَقَالُوا: إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: دَعُوا النَّاقَةَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، فَبَرَكَتْ عَلَى بَابِ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: فَخَرَجَتْ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ يَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ وهن يقلن:

نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارْ* يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارْ

فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَتُحِبُّونِي؟ فَقَالُوا: إِي وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، قال: أنا وَاللهِ أُحِبُّكُمْ، وَأَنَا وَاللهِ أحبكم، أنا وَاللهِ أُحِبُّكُمْ»

ويحدد الإمام الغزالي الأوقات التي يجوز فيها الغناء : في أوقات السرور تأكيدا للسرور وتهييجاً له وهو مباح إن كان ذلك السرور مباحاً كالغناء في أيام العيد وفي العرس وفي وقت قدوم الغائب وفي وقت الوليمة والعقيقة وعند ولادة المولود وعند ختانه وعند حفظه القرآن العزيز وكل ذلك مباح لأجل إظهار السرور به . وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي حَسَنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَكْرَهُ نِكَاحَ السِّرِّ حَتَّى يُضْرَبَ بِدُفٍّ، وَيُقَالَ: أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ "

عَنْ أَبِي بَلْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ: إِنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُ امْرَأَتَيْنِ، لَمْ يُضْرَبْ عَلَيَّ بِدُفٍّ، قَالَ بِئْسَمَا صَنَعْتَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فَصْلَ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الصَّوْتُ يَعْنِي الضَّرْبَ بِالدُّفِّ " فَالسُّنَّةُ إِعْلَانُ النِّكَاحِ بِضَرْبِ الدُّفِّ وَأَصْوَاتِ الْحَاضِرِينَ بِالتَّهْنِئَةِ أَوِ النَّغْمَةِ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ . والنهي عن المعازف أمر ثابت .

ومن صور الفرح ينقل لنا أبي الفرج : زواج أم حكيم من عبد العزيز بن الوليد قال: وكانت زينب تسمى الموصلة، من حسن جسدها، وكانت أم حكيم تحت عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك، تزوجها في حياة جده عبد الملك، ولما عقد النكاح بينهما، عقد في مجلس عبد الملك، وأمر بإدخال الشعراء ليهنئوهم بالعقد، ويقولوا في ذلك أشعارا كثيرة يرويها الناس، فاختير منهم جرير وعديّ بن الرقاع، فدخلا، وبدأ عديّ لموضعه منهم، فقال:

قمر السماء وشمسها اجتمعا ... بالسّعد ما غابا وما طلعا

ما وارت الأستار مثلهما ... من ذا رأى هذا ومن سمعا؟

دام السرور له بها ولها ... وتهنّيا طول الحياة معا

وقال جرير:

جمع الأمير إليه أكرم حرة ... في كل ما حال من الأحوال

حكميّة علت الروابي كلّها ... بمفاخر الأعمام والأخوال

وإذا النساء تفاخرت ببعولة ... فخرتهم بالسّيّد المفضال

عبد العزيز ومن يكلف نفسه ... أخلاقه يلبث بأكسف بال

هنأتكم بمودّة ونصيحة ... وصدقت في نفسي لكم ومقالي

فلتهنك النّعم التي خوّلتها ... يا خير مأمول وأفضل وال

فأمر له عبد الملك بعشرة آلاف درهم، ولعديّ بن الرقاع بمثلها، وقضى لأهله ومواليه يومئذ مئة حاجة، وأمر لجميع من حضر من الحرس والكتاب بعشرة دنانير عشرة دنانير

يا رب فرج عن سورية ، وأهل سورية

ـــــ

دلائل النبوة للبيهقي (2/ 508)

مسند الإمام أحمد (27/ 267)

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح – الهروي (5/ 2073)

الأغاني – أبو الفرج الأصفهاني (16/ 451)

إحياء علوم الدين – الغزالي (2/ 277)

 

 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق