الثلاثاء، 5 سبتمبر 2023

حين تثق بمن علمك ومن حياة أبو عثمان المازني لنا مثل رجل إن سافر ودعه ثلاثمائة عالم قصة المازني مع جارية الواثق

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين تثق بمن علمك

ومن حياة أبو عثمان المازني لنا مثل

رجل إن سافر ودعه ثلاثمائة عالم

قصة المازني مع جارية الواثق

أبو عثمان بكر بن محمد بن عثمان - وقيل: بقية، وقيل: عدي - بن حبيب المازني البصري النحوي؛ كان إمام عصره في النحو والأدب، وأخذ الأدب عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي الأنصاري – وشيخه الكسائي ، وله من التصانيف كتاب ما تلحن في العامة وكتاب التصريف وكتاب العروض وكتاب القوافي وكتاب الديباج عللاً خلاف كتاب أبي عبيدة.

قال أبو جعفر الطحاوي الحنفي المصري: سمعت القاضي بكار بن قتيبة، قاضي مصر، يقول: ما رأيت نحوياً قط يشبه الفقهاء إلا حيان بن هرمة والمازني، يعني أبا عثمان المذكور، وكان في غاية الورع. ومما رواه المبرد أن بعض أهل الذمة قصده ليقرأ عليه كتاب سيبويه وبذل له مائة دينار في تدريسه إياه، فامتنع أبو عثمان من ذلك، قال: فقلت له: جعلت فداك، أترد هذه المنفعة مع فاقتك وشدة اضاقتك فقال: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله عز وجل، ولست أرى أن أمكن منها ذمياً غيرة على كتاب الله وحمية له؛ قال: فاتفق أن غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجي  : أظلوم إن مصابكم رجلاً ... أهدى السلام تحية ظلم

فاختلف من كان بالحضرة في إعراب رجلاً، فمنهم من نصبه وجعله اسم إن، ومنهم من رفعه على أنه خبرها، والجارية مصرة على أن شيخها أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بإشخاصه. قال أبو عثمان  : فلما مثلت بين يديه قال: ممن الرجل قلت: من بني مازن، قال: أي الموازن أمازن تميم ، أم مازن قيس، أم مازن ربيعة قلت: من مازن ربيعة، فكلمني بكلام قومي، وقال: باسمك لأنهم يقلبون الميم باء والباء ميماً، قال: فكرهت أن أجيبه على لغة قومي كيلا أواجهه بالمكر  ، فقلت: بكر يا أمير المؤمنين، ففطن لما قصدته، وأعجب به، قم قال: ما تقول في قول الشاعر:

أظلوم إن مصابك رجلاً ... والقصد يا ظلوم إن مصابكم رجلا أهدى السلام ظلم وكأنك تقول : يا ظالمة ألأني سلمت عليك تصيبيني بطرف عينك ، أقلك السلام عليكم فأقع صريع العينين فهذا حرام عليك

قال الواثق : أترفع رجلاً أم تنصبه فقلت: بل الوجه النصب يا أمير المؤمنين، فقال: ولم ذلك فقلت: إن مصابكم مصدر بمعنى إصابتكم، فأخذ اليزيدي في معارضتي، فقلت: هو بمنزلة قولك إن ضربك زيداً ظلم فالرجل مفعول مصابكم وهو منصوب به والدليل عليه أن الكلام معلق إلى أن تقول ظلم فيتم، فاستحسنه الواثق وقال: هل لك من ولد قلت: نعم بنية  يا أمير المؤمنين، قال: ما قالت لك عند مسيرك فقلت: [طافت حولي] وأنشدت [وهي تبكي] قول الأعشى:

أيا أبتا لا ترم  عندنا ... فإنا بخير إذا لم ترم

أرانا إذا أضمرتك البلا ... د تجفى وتقطع منا الرحم

قال: فما قلت لها قال: قلت [لها ما قال جرير] لابنته:

ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح

قال: على النجاح، إن شاء الله تعالى، ثم أمر لي بألف دينار، وردني مكرماً ، قال المبرد: فلما عاد إلى البصرة قال لي: كيف رأيت يا أبا العباس رددنا لله مائة فعوضنا ألفا.

رحم الله علماءنا

يا رب فرج عن سورية وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــــــــ

نزهة الألباء في طبقات الأدباء – الأنباري (ص: 140)

وفيات الأعيان – ابن خلكان(1/ 283)

تاريخ الإسلام – الإمام الذهبي (5/ 953)

الوافي بالوفيات - الصفدي(10/ 133)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق