الجمعة، 29 سبتمبر 2023

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل سؤال: في سورة طه (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)) الفعل الوحيد الذي ورد بهذه الصيغة وهي حذف أحد حرفي التشديد مع أن المقام مقام مبالغة في العكوف وليس مقام تقليل إذا اعتمدنا أن الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى فما العِلة من ذلك؟

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ولمسات بيانية في نصوص من التنزيل 

سؤال: في سورة طه (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)) الفعل الوحيد الذي ورد بهذه الصيغة وهي حذف أحد حرفي التشديد مع أن المقام مقام مبالغة في العكوف وليس مقام تقليل إذا اعتمدنا أن الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى فما العِلة من ذلك؟

يقول الدكتور فاضل أحسن الله جزاءه : العرب وقريش وغيرها قد تخفف من الفعل المضعّف إذا صادفه تسكين. أصل الفعل ظلِلْت مضعّف. فعندهم هذا وقسم من العرب عندهم لغة قالوا هم بنو سُليم يحذفون دائماً ليس فقط في الفعل بل ما كان شبيهاً بالمضاعف إذا سُكّن آخره قلا يقولون أحسست وإنما أحست ولا يقولون هممت وإنما همت، صددت - صدت. هذه لغة من لغتهم فهذه لغة. يبقى السؤال لماذا استعمل هذه اللغة هنا مع العلم أنه لم يحذف في المضعف (إن ضللت، صددت) فلماذا استعملها هنا؟ استعملها في القرآن مرتين: هنا وفي سورة الواقعة (فظلتم تفكهون) . هنالك ظاهرة عامة في القرآن الكريم أن القرآن يحذف من الفعل إذا كان زمنه أقل مثل (تتوفاهم وتوفاهم) الذي زمنه أقل يحذف منه مراعاة بين قصر الفعل والزمن. هذه ظاهرة عامة في القرآن الكريم منتشرة متسعة (استطاعوا، اسطاعوا، تتنزل، تنزل) تتنزل أكثر من تنزل لأن تلك في ليلة واحدة ليلة القدر (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) القدر) أما الثانية (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت) في كل لحظة فقال تتنزل.

هنا (وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا) يتكلم عن السامري الذي صنع العجل، كم ظلّ عاكفاً عليه؟ على مدة ذهاب موسى عليه السلام وعودته وليس كالذي يعبد الأصنام طول عمره لكن بمقدار ما ذهب موسى عليه السلام وعاد وقال له (لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا) . إذن هذا البقاء قليل فحذف من الفعل لأن هذه العبادة لا تشبه عبادة الآخرين الذين يقضون أعمارهم في عبادة الأصنام لكن هذه مدة قصيرة بمقدار ما ناجى موسى عليه السلام ربه ثم عاد فحذف من الفعل إشارة إلى قصر الزمن. حتى في سورة الواقعة (لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)) بداية الآيات (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)) تفكهون، كم يتكلم؟ قليل فحذف من الفعل.

وعلى الأكثر أن اللام الوسطى المكسورة هي التي تُحذف، أصل الفعل ظلِلْت لكن ليس فيها قاعدة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات - الدكتور فاضل صالح السامرائي  (ص : 1063  )



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق