الثلاثاء، 22 أغسطس 2023

حين تذكر صلاح الدين وجب عليك تذكر أسامة بن منقذ :

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين تذكر صلاح الدين وجب عليك تذكر أسامة بن منقذ :

ابن مُنْقِذ (488 - 584 هـ = 1095 - 1188 م) أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني الكلبي الشيزري، أبو المظفر، مؤيد الدولة: أمير، من أكابر بني منقذ أصحاب قلعة شيزر (بقرب حماة، يسميها الصليبيون) Sizarar ومن العلماء الشجعان. وبنو منقذ كانوا أصحاب حصن أو قلعة قريبة من حماه تدعى «شيزر»، وظلوا يقيمون بهذه القلعة ممتنعين بمناعتها حتى أصابها الزلزال في منتصف القرن السادس وأتى عليها هدما وتخريبا، ثم استولى عليها نور الدين محمود بن زنكي وأعاد بناءها وتحكم في بني منقذ فغادروها وتفرقوا في مناح مختلفة.

بطل كبير من أبطال الحروب الصليبية ، يذكر كلما ذكر بطلها الأكبر صلاح الدين بما قاله عنه زميله ووليه فأسامة فارس وكاتب ومؤرخ ، عاش في زمن يتنازع الأمراء في بغداد شغلهم الدسائس ، وفي مصر الفاطمية خليفة تكرر في ذلك الصورة

كان أبو أسامة فارسا أديبا وشاعرا تقيا يخرج للصيد وحين يستريح من الطراد يجلس ليقرأ القرآن . وكان مع ثقل جسمه وكبر سنه يركض ولا يتصيد إلا على حصان يتعب أولاده الأربعة وهو لا يضعف ولا يكل . يتركه والده منذ صغره يقتحم الأخطار، ويركب الصعب من الأمور، فلا ينهاه عن أن يمضي إلى حية يحز رأسها، ويلقي بها في الدار ميتة، وهو ثابت رابط الجأش، ولا يحول بينه وبين مصارعة الأسود بشيزر، وقتل ما يصرعه منها، وهكذا شب جريئاً لا يهاب. وكانت أمه من الشجاعة فهي توزع السلاح على المقاتلين . تجلس ابنتها على شرفة القلعة خشية أن يدخلها الأعداء لتدفعها كي تموت ولا يمسها سوء من عدو . كان لديه خزانة كتب دمرت في الحروب الصليبية خزانة أسامة بن منقذ أحد أصحاب قلعة شيرز فإنها كانت أربعة آلاف مجلد من الكتب الفاخرة أرسل بها بعد أن أخذ عهداً من الصليبين من دمياط إلى عكا في بطسة فنهيت ونهب معها ثلاثون ألف دينار قال: إن ذهابها حزازة في قلبه ما عاش. ومن أغرب صفحات التاريخ العربي أن أحد أمراء السوريين أسامة بن منقذ الذي كان في شيزر كتب ما نسميه اليوم (بالمذكرات) فهذه غير معروفة في الشرق ولم نعرفها نحن إلاّ منذ عهد ليس ببعيد بينما كانت منتشرة في الغرب منذ عصور بعيدة فأسامة شذ عن جميع المؤرخين في العربية بانتقائه هذه الطريقة الفريدة وسار عليها ونشر تاريخ حياته وأعمال والده الأمير وتدخلت بين تضاعيفها أخبار الحروب الصليبية فلذا تعد مرجعا مفيدا لا بأس به في نواحي ذلك التاريخ.

درس الحديث والأدب، والفقه، والنحو، واللغة، وحفظ الكثير من الشعر، وأخذ من ذلك بنصيب واف، يشهد له به كتبه، وما ضمنت من أحاديث كثيرة، متنوعة الأغراض، ومن مأثور كلام البلغاء من المتقدمين، وما استشهد به من شعر ومنثور، وما أورده في شعره من ألفاظ لغوية استعملت في معانيها الدقيقة مما لم يكن يجري إلا على أقلام كبار البلغاء، أخذ ذلك عن كبار الأساتذة، كما كانت البيئة التي عاش فيها بيئة أدبية ممتازة، فقد كان الأمراء من بني منقذ ممن يقصدهم الشعراء والأدباء . له تصانيف في الأدب والتاريخ، منها (لباب الآداب) و (البديع في نقد الشعر) و (المنازل والديار) و (النوم والأحلام ) و (القلاع والحصون) و (أخبار النساء) و (العصا) منتخبات منه. ولد في شيزر، وسكن دمشق، وانتقل إلى مصر (سنة 540 هـ وقاد عدة حملات على الصليبيين في فلسطين، وعاد إلى دمشق. ثم برحها إلى حصن كيفى فأقام إلى أن ملك السلطان صلاح الدين دمشق، فدعاه السلطان إليه، فأجابه وقد تجاوز الثمانين، فمات في دمشق. وكان مقربا من الملوك والسلاطين. وله (ديوان شعر ) وكتب سيرته في جزء سماه (الاعتبار ) ترجم إلى الفرنسية والألمانية

رحمه الله وأجزل ثوابه

ومن جميل شعره في الشكوى

حَفِظتُ ما ضيَّعوا أَغضْيتُ حينَ جَنَوْا   ..    وفَيْتُ إذ غدَروا واصلتُ إذ صَرَمُوا

حُرِمتُ ما كنتُ أرجو من وِدَادِهِمُ     ..  ما الرّزقُ إلاّ الّذِي تَجري بِهِ القِسَمُ

مَحاسِني منذُ مَلّونِي بأعيُنهِم    ..   قَذىً وذِكريَ في آذانهمْ صَمَمُ

وبعدُ لو قيلَ لي ماذَا تُحبُّ ومَا      .. مُناكَ من زِينةِ الدّنيا لقلتُ هُمُ

ويتأمل مصارع الأقدار فيقول : : واجتمعنا عند الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بدمشق ليلة، وكان يلعب بالشطرنج، فقال لي الأمير أسامة: ألا أنشدك البيتين اللذين قلتهما في الشطرنج؟ فقلت:

انظر إلى لاعب الشطرنج يجمعها ... مغالبا ثم بعد الجمع يرميها

كالمرء يكدح للدنيا ويجمعها ... حتى إذا مات خلّاها وما فيها

يا رب فرج عن سورية وأهل سورية

ـــــ

الاعتبار – أسامة بن منقذ (ص: 215)

مجلة لغة العرب العراقية (7/ 283)

علم البديع – عبد العزيز عتيق (ص: 34)

مجلة الرسالة (884/ 24)

خطط الشام – محمد كرد علي (6/ 192)

الأعلام للزركلي (1/ 291)

 




 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق